ولما ذا خرجت إلى هذه البرية؟ فقال له : أيّها الرجل دعني فإنّي خرجت لأمر عظيم وخطب جسيم لا أذكره إلّا لإمامي ولا أشكوه إلّا إلى من يقدر على كشفه عنّي. فقال عجل الله فرجه : يا محمّد بن عيسى أنا صاحب الأمر فاذكر حاجتك؟ فقال : إن كنت هو فأنت تعلم قصّتي ولا تحتاج إلى أن أشرحها لك. فقال : نعم ، خرجت لما دهمكم من أمر الرمّانة وما كتب عليها وما أوعدكم الأمير به.
قال : فلمّا سمعت ذلك منه توجّهت إليه وقلت له : نعم يا مولاي قد تعلم ما أصابنا وأنت إمامنا وملاذنا والقادر على كشفه عنّا ، فقال صلوات الله عليه : يا محمّد بن عيسى إنّ الوزير لعنه الله في داره شجرة رمّان فلمّا حملت تلك الشجرة صنع شيئا من الطين على هيئة الرمّانة وجعلها نصفين وكتب في داخل كلّ نصف بعض تلك الكتابة ثمّ وضعها على الرّمانة وشدّها عليها وهي صغيرة فأثّر فيها وصارت هكذا ، فإذا مضيتم غدا إلى الوالي فقل له جئتك بالجواب ولكنّي لا أبديه إلّا في دار الوزير ، فإذا مضيتم إلى داره فانظر عن يمينك ترى فيها غرفة فقل للوالي : لا اجيبك إلّا في تلك الغرفة ، وسيأبى الوزير عن ذلك وأنت بالغ في ذلك ولا ترض إلّا بصعودها فإذا صعد فاصعد معه ولا تتركه وحده يتقدّم عليك ، فإذا دخلت الغرفة رأيت كوة فيها كيس أبيض فانهض إليه وخذه ، وترى فيه تلك الطينة التي عملها لهذه الحيلة ، ثمّ ضعها أمام الوالي وضع الرمّانة فيها لينكشف له جلية الحال.
وأيضا يا محمّد بن عيسى قل للوالي : إنّ لنا معجزة اخرى وهي أنّ هذه الرمّانة ليس فيها إلّا الرماد والدخان وإن أردت صحّة ذلك فأمر الوزير بكسرها فإذا كسرها طار الرماد والدخان على وجهه ولحيته ، فلمّا سمع محمد بن عيسى ذلك من الإمام فرح فرحا شديدا وقبّل يدي الإمام صلوات الله عليه ، وانصرف إلى أهله بالبشارة والسرور ، فلمّا أصبحوا مضوا إلى الوالي ففعل محمد بن عيسى كلّما أمره الإمام عجل الله فرجه وظهر كلّ ما أخبره فالتفت الوالي إلى محمد بن عيسى وقال : من أخبرك بهذا؟ فقال : إمام زماننا وحجّة الله علينا. فقال : ومن إمامكم؟ فأخبره بالأئمّة عليهمالسلام واحدا بعد واحد إلى أن انتهى إلى صاحب الأمر صلوات الله عليهم. فقال الوالي : مدّ يدك فأنا أشهد أن لا إله إلّا الله وأنّ محمّدا عبده ورسوله وأنّ الخليفة بعده بلا فصل أمير المؤمنين علي عليهالسلام ، ثمّ أقرّ بالأئمّة إلى آخرهم عليهمالسلام وحسن إيمانه وأمر بقتل الوزير واعتذر إلى أهل بحرين وأحسن إليهم وأكرمهم ، قال من قال : وهذه القصّة