الثالث من السفراء : أبو القاسم حسين بن روح النوبختي ، أقامه محمد بن عثمان بعد مقامه بأمر الإمام عجل الله فرجه وهو من أعقل الناس عند الموافق والمخالف وكان يستعمل التقية.
في البحار : عن أبي جعفر محمد بن علي بن الأسود قال : كنت أحمل الأموال التي تحصل في باب الوقف إلى أبي جعفر محمد بن عثمان العمري رحمهالله فيقبضها منّي ، فحملت إليه يوما شيئا من الأموال في آخر أيّامه قبل موته بسنتين أو ثلاث سنين ، فأمرني بتسليمه إلى أبي القاسم الروحي رضى الله عنه ، فكنت اطالبه بالقبوض فشكى ذلك إلى أبي جعفر رضى الله عنه ، فأمرني أن لا اطالبه بالقبوض وقال : كلّ ما وصل إلى أبي القاسم فقد وصل إليّ ، فكنت أحمل بعد ذلك الأموال إليه ولا اطالبه بالقبوض (١).
وفيه : عن جعفر بن أحمد بن منيل : لمّا حضرت أبا جعفر محمّد بن عثمان العمري الوفاة كنت جالسا عند رأسه أسأله وأحدّثه وأبو القاسم بن روح عند رجليه فالتفت إليّ ثمّ قال : امرت أن اوصي إلى أبي القاسم الحسين بن روح. قال : فقمت من عند رأسه وأخذت بيد أبي القاسم وأجلسته في مكاني وتحوّلت إلى عند رجليه (٢).
وحسين بن روح من أعقل الناس عند الموافق والمخالف وكان يستعمل التقيّة ، وقبره رحمهالله في النوبختية في الدرب الذي كانت فيه دار علي بن أحمد النوبختي النافذ إلى التل وإلى الدرب الآخر وإلى قنطرة الشوك. وقد كانت العامّة تعظّمه رحمهالله حيّا وميّتا ، وقد تناظر اثنان في دار ابن يسار وهو رحمهالله حضر تقيّة فزعم واحد أنّ أبا بكر أفضل الناس بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله ثمّ عمر ثمّ علي ، وقال آخر : علي أفضل من أبي بكر وعمر فزاد الكلام بينهما ، فقال أبو القاسم رضى الله عنه : الذي اجتمعت عليه الصحابة هو تقديم الصدّيق ثمّ بعده الفاروق ثمّ بعده عثمان ذو النورين ثمّ علي الوصيّ ، وأصحاب الحديث على ذلك وهو الصحيح عندنا ، فبقي من حضر المجلس متعجّبا من هذا القول وكانت العامّة يرفعونه على رءوسهم ، وكثر الدعاء له والطعن على من يرميه بالرفض.
فوقع عليّ الضحك فلم أزل أتصبّر وأمنع نفسي وأدسّ كمي في فمي فخشيت أن
__________________
(١) البحار : ٥١ / ٣٥٤ ح ٤ وكمال الدين : ٥٠١.
(٢) الخرائج والجرائح : ٣ / ١١٢٠ والبحار : ٥١ / ٢٥٤ ح ٥.