أفتضح ، فوثبت عن المجلس ، ونظر إليّ فتفطّن بي ، فلمّا حصلت في منزلي فإذا بالباب يطرق فخرجت مبادرا فإذا بأبي القاسم بن روح راكبا بغلته قد وافاني من المجلس قبل مضيّه إلى داره فقال لي : يا عبد الله أيّدك الله لم ضحك وأردت أن تهتف بي ، كأن الذي قلته عندك ليس بحقّ؟ فقلت له : كذاك هو عندي ، فقال لي : اتق الله أيّها الشيخ فإنّي لا أجعلك في حلّ أن تستعظم هذا القول منّي. فقلت : يا سيدي رجل يرى بأنّه صاحب الإمام عجل الله فرجه ووكيله يقول ذلك القول لا يتعجّب منه ولا يضحك من قوله هذا! فقال لي : وحياتك لئن عدت لأهجرنّك ، وودّعني وانصرف (١).
الرابع من السفراء : أبو الحسن علي بن محمد السمري رحمهالله ، أوصى أبو القاسم الحسين بن روح إلى أبي الحسن علي بن محمد السمري رحمهالله فلمّا حضرت السمري الوفاة سئل أن يوصي قال لله أمر هو بالغه ، فالغيبة التامّة هي التي وقعت بعد مضيّ السمري.
في البحار عن أبي محمد الحسن بن أحمد المكتب قال : كنت بمدينة السلام في السنة التي توفي فيها الشيخ أبو الحسن علي بن محمد السمري قدّس الله روحه ، فحضرته قبل وفاته بأيّام فأخرج إلى الناس توقيعا نسخته : بسم الله الرّحمن الرحيم يا علي بن محمّد السمري أعظم الله أجر إخوانك فيك ، فإنّك ميّت ما بينك وبين ستّة أيّام ، فاجمع أمرك ولا توص إلى أحد فيقوم مقامك بعد وفاتك ، فقد وقعت الغيبة التامّة فلا ظهور إلّا بعد إذن الله تعالى ، وذلك بعد طول الأمد وقسوة القلوب وامتلاء الأرض جورا ، وسيأتي شيعتي من يدّعي المشاهدة ، ألا فمن ادّعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كذّاب مفتر ، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم.
فلمّا كان اليوم السادس عدنا إليه وهو يجود بنفسه فقيل له : من وصيّك من بعدك؟ فقال:لله أمر هو بالغه.
وقبره رحمهالله في الشارع المعروف بشارع الخلخي من ربع باب المحول ، قريب من شاطئ نهر أبي عتاب ، ومات رحمهالله في سنة تسع وعشرين وثلاثمائة ، وقد كان في زمان السفراء رضوان الله عليهم أقوام ثقات ترد عليهم التوقيعات من قبل المنسوبين للسفارة : (منهم) أبو الحسين محمد بن جعفر الأسدي ، أتى الجواب عن الناحية بعد السؤال عن
__________________
(١) غيبة الشيخ الطوسي : ٣٨٥ ح ٣٤٧ ذكر إقامة أبي جعفر محمد بن عثمان العمري.