فقفوا عند أمرنا ونهينا ولا تردوا كلّ ما ورد عليكم منّا فإنّا أكبر وأجلّ وأعظم وأرفع من جميع ما يرد عليكم ، ما فهمتموه فاحمدوا الله عليه وما جهلتموه فكلوا أمره إلينا وقولوا : أئمتنا أعلم بما قالوا. قال : ثمّ استقبله أمير المدينة راكبا وحواليه حرّاسه وهم ينادون في الناس : معاشر الناس احضروا إلى ابن رسول الله علي بن الحسين وتقرّبوا إلى الله عزوجل به لعلّ الله يصرف به عنكم العذاب ، فلمّا بصروا بمحمّد بن علي الباقر عليهالسلام تبادروا نحوه وقالوا له : يا بن رسول الله أما ترى ما نزل بأمّة جدّك محمّد ، هلكوا وفنوا عن آخرهم ، أين أبوك حتّى نسأله أن يخرج إلى المسجد ونتقرّب به إلى الله ليرفع به عن أمّة جدّك هذا البلاء؟ قال لهم محمّد بن علي عليهالسلام : يفعل الله ما يشاء أصلحوا من أنفسكم وعليكم بالتوبة والتضرّع والورع والنهي عمّا أنتم عليه فإنّه لا يأمن مكر الله إلّا القوم الخاسرون. قال جابر : فأتينا علي بن الحسين وهو يصلّي فانتظرناه حتّى فرغ من صلاته وأقبل علينا فقال : يا محمّد ما خبر الناس؟ فقال : ذلك لقد رأى من قدرة الله عزوجل ما لا زال متعجّبا منها. قال جابر : فقلت : يا سيدي إنّ سلطانهم سألنا أن نسألك أن تحضر إلى المسجد حتّى يجتمع الناس يدعون ويتضرّعون إلى الله عزوجل ويسألونه الإقالة. قال : فتبسّم ثمّ تلا (أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا بَلى قالُوا فَادْعُوا وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ) (١) وقرأ (وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ) (٢) فقلت : يا سيدي العجب أنّهم لا يدرون من أين أتوا. قال : أجل ثمّ تلا (فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا وَما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ) (٣) وهي والله آياتنا وهذه إحداها وهي والله ولا يتنا. يا جابر ما تقول في قوم أماتوا سنّتنا وتولّوا أعداءنا وانتهكوا حريمنا فظلمونا وغصبونا وأحيوا سنن الظالمين وساروا بسيرة الفاسقين. قال جابر : الحمد لله الذي منّ عليّ بمعرفتكم وألهمني فضلكم ووفّقني لطاعتكم وموالاة مواليكم ومعاداة أعدائكم.
قال صلوات الله عليه : يا جابر أتدري ما المعرفة؟ المعرفة إثبات التوحيد أوّلا ثمّ معرفة المعاني ثانيا ثمّ معرفة الأبواب ثالثا ثمّ معرفة الإمام رابعا ثمّ معرفة الأركان خامسا ثمّ معرفة
__________________
(١) سورة المؤمن : ٥٠.
(٢) سورة الأنعام : ١١١.
(٣) سورة الأعراف : ٥١.