وهم سموا قديما سمرقندا ، |
|
وهم غرسوا هناك التّبّتينا |
وأهلها فيما زعم بعضهم على زيّ العرب إلى هذه الغاية ، ولهم فروسيّة وبأس شديد ، وقهروا جميع من حولهم من أصناف الترك ، وكانوا قديما يسمّون كلّ من ملك عليهم تبّعا اقتداء بأولهم ، ثم ضرب الدهر ضربه فتغيّرت هيئتهم ولغتهم إلى ما جاورهم من الترك فسموا ملوكهم بخاقان ، والأرض التي بها ظباء المسك التّبّتي والصيني واحدة متصلة وإنما فضل التبتي على الصيني لأمرين : أحدهما أن ظباء التبت ترعى سنبل الطيب وأنواع الأفاويه وظباء الصين ترعى الحشيش ، والأمر الآخر : أن أهل التبت لا يعرضون لإخراج المسك من نوافجه ، وأهل الصين يخرجونه من النوافج فيتطرّق عليه الغش بالدم وغيره ، والصيني يقطع به مسافة طويلة في البحر فتصل إليه الأنداء البحرية فتفسده ، وإن سلم المسك التبتي من الغش وأودع في البراني الزجاج وأحكم عفاصها ورد إلى بلاد الإسلام من فارس وعمان وهو جيد بالغ ، وللمسك حال ينقص خاصيّته ، فلذلك يتفاضل بعضه على بعض ، وذلك أنه لا فرق بين غزلاننا وبين غزلان المسك في الصورة ولا الشكل ولا اللون ولا القرون وإنما الفارق بينهما بأنياب لها كأنياب الفيلة ، فإن لكل ظبي نابين خارجين من الفكّين منتصبين نحو الشبر أو أقل أو أكثر ، فينصب لها في بلاد الصين وتبت الحبائل والشّرك والشباك فيصطادونها وربما رموها بالسهام فيصرعونها ثم يقطعون عنها نوافجها والدم في سررها خام لم يبلغ الإنضاج ، فيكون لرائحته زهوكة تبقى زمانا حتى تزول ، وسبيل ذلك سبيل الثمار إذا قطعت قبل النّضج فإنها تكون ناقصة الطعم والرائحة ، وأجود المسك وأخلصه ما ألقاه الغزال من تلقاء نفسه ، وذلك أن الطبيعة تدفع سواد الدم إلى سرّته فإذا استحكم لون الدم فيها ونضج آذاه ذلك وأحدث له في سرّته حكة فيندفع إلى أحد الصخور الحادّة فيحتكّ به ، فيلتذّ بذلك ، فينفجر ويسيل على تلك الأحجار كانفجار الجراح والدماميل إذا نضجت ، فيجد الغزال بخروج ذلك لذة ، حتى إذا فرغ ما في نافجته ، وهي سرّته ، وهي لفظة فارسية ، اندملت وعادت فدفعت إليه موادّ من الدّم فتجتمع ثانية كما كانت أولا ، فتخرج رجال التّبت فيتبعون مراعيها بين تلك الأحجار والجبال فيجدون الدم قد جفّ على تلك الصخور وقد أمكن الإنضاج ، فيأخذونه ويودعونه نوافج معهم ، فذلك أفضل المسك وأفخره ، فذلك الذي تستعمله ملوكهم ويتهادونه بينهم وتحمله التجار في النادر من بلادهم. ولتبّت مدن كثيرة ، وينسبون مسك كل مدينة إليها ، ويقال : إن وادي النمل الذي مرّ به سليمان بن داود ، عليه السلام ، خلف بلاد التّبّت وبه معدن الكبريت الأحمر ، قالوا : وبالتبّت جبل يقال له جبل السّمّ ، إذا مرّ به أحد تضيق نفسه فمنهم من يموت ومنهم من يثقل لسانه.
تِبْوَاكُ : الكسر ثم السكون ، وراء ، وألف ، وكاف : موضع بحذاء تعشار ، وقيل : ماء لبني العنبر ، وفي كتاب الخالع : تبراك من بلاد عمرو ابن كلاب فيه روضة ذكرت مع الرياض ، وحكى أبو عبيدة عن عمارة أن تبراك من بلاد بني عمير قال : وهي مسبّة لا يكاد أحد منهم يذكرها لمطلق قول جرير :
إذا جلست نساء بني عمير |
|
على تبراك أخبثن الترابا |
فإذا قيل لأحدهم : أين تنزل؟ يقول : على ماء ، ولا