يقول على تبراك ، قال : وتبراك أيضا ماء في بلاد بني العنبر ، قال أبو جعفر : جاءت عن العرب أربعة أسماء مكسورة الأول : تقصار للقلادة اللازقة بالحلق ، وتعشار موضع لبني ضبّة ، وتبراك ماء لبني العنبر ، وطلحام موضع ، حكى أبو نصر : رجل تمساح ورجل تنبال وتبيان ، وقال أبو زياد : مياه الماشية تبراك التي ذكرها جرير ، وقد ذكرت الماشية في موضعها من هذا الكتاب ، قال ابن مقبل :
جزى الله كعبا ، بالأباتر ، نعمة |
|
وحيّا بهبّود ، جزى الله ، أسعدا |
وحيّا على تبراك لم أو مثلهم |
|
رجا ، قطعت منه الحبائل ، مفردا |
بكيت بخصمي سنّة ، يوم فارقوا ، |
|
على ظهر عجّاج العشيّات أجردا |
الخصم : الجانب ، وقال أبو كدراء وزين بن ظالم العجلي :
الله نجّاني وصدّقت بعد ما |
|
خشيت على تبراك ، ألّا أصدّقا |
وأعيس ، إذ أكلفته وهو لاغب ، |
|
سرى طيلسان الليل حتى تمزّقا |
وقال نصر : تبراك ماء لبني نمير في أدنى المرّوت لاصق بالوركة ، وينشد :
أعرفت الدار أم أنكرتها |
|
بين تبراك فشسّي عبقر؟ |
التِّبْرُ : بلاد من بلاد السودان تعرف ببلاد التبر ، وإليها ينسب الذهب الخالص ، وهي في جنوب المغرب ، تسافر التجار من سجلماسة إلى مدينة في حدود السودان يقال لها غاتة ، وجهازهم الملح وعقد خشب الصنوبر ، وهو من أصناف خشب القطران إلا أن رائحته ليست بكريهة ، وهو إلى العطرية أميل منه إلى الزفر ، وخرز الزجاج الأزرق وأسورة نحاس أحمر وحلق وخواتم نحاس لا غير ، ويحملون منها الجمال الوافرة القوية أوقارها ويحملون الماء من بلاد لمتونة ، وهم الملثمون ، وهم قوم من بربر المغرب في الروايا والأسقية ويسيرون فيرون المياه فاسدة مهلكة ليس لها من صفات الماء إلا التّميّع ، فيحملون الماء من بلاد لمتونة ويشربون ويسقون جمالهم ، ومن أول ما يشربونها تتغيّر أمزجتهم ويسقمون ، خصوصا من لم يتقدم له عادة بشربه ، حتى يصلوا إلى غانة بعد مشاقّ عظيمة ، فينزلون فيها ويتطيّبون ثم يستصحبون الأدلّاء ويستكثرون من حمل المياه ويأخذون معهم جهابذة وسماسرة لعقد المعاملات بينهم وبين أرباب التبر ، فيمرون بطريقهم على صحارى فيها رياح السموم تنشف المياه داخل الأسقية فيتحيلون بحمل الماء فيها ليرمّقوا به ، وذلك أنهم يستصحبون جمالا خالية لا أوقار عليها يعطشونها قبل ورودهم على الماء نهارا وليلا ثم يسقونها نهلا وعللا إلى أن تمتلئ أجوافها ثم تسوقها الحداة ، فإذا نشف ما في أسقيتهم واحتاجوا إلى الماء نحروا جملا وترمّقوا بما في بطنه وأسرعوا السير حتى إذا وردوا مياها أخر ملأوا منها أسقيتهم وساروا مجدّين بعناء شديد حتى يقدموا الموضع الذي يحجز بينهم وبين أصحاب التبر ، فإذا وصلوا ضربوا طبولا معهم عظيمة تسمع من الأفق الذي يسامّت هذا الصنف من السودان ، ويقال : إنهم في مكامن وأسراب تحت الأرض عراة لا يعرفون سترا كالبهائم مع أن هؤلاء القوم لا يدعون تاجرا يراهم أبدا ، وإنما هكذا تنقل صفاتهم ، فإذا علم التجار أنهم قد سمعوا الطبل أخرجوا ما صحبهم من