المحمودة ؛ قال : وقد خرج منها رجال كثيرون موصوفون بالسّتر والسخاء ، منهم : البرمكي صاحب المأمون ، ونقودهم نقود طبرستان الدنانير والدراهم ، وأوزانهم المنّ ستمائة درهم ، وكذلك الري وطبرستان.
وقال مسعر بن مهلهل : سرت من دامغان متياسرا إلى جرجان في صعود وهبوط وأودية هائلة وجبال عالية ، وجرجان مدينة حسنة على واد عظيم في ثغور بلدان السهل والجبل والبر والبحر ، بها الزيتون والنخل والجوز والرمان وقصب السكر والأترج ، وبها إبريسم جيد لا يستحيل صبغه ، وبها أحجار كبيرة ، ولها خواصّ عجيبة ، وبها ثعابين تهول الناظر لكن لا ضرر لها ؛ ولأبي الغمر في وصف جرجان :
هي جنّة الدّنيا التي هي سجسج ، |
|
يرضى بها المحرور والمقرور |
سهليّة جبليّة بحريّة ، |
|
يحتلّ فيها منجد ومغير |
وإذا غدا القنّاص راح بما اشتهى |
|
طبّاخه ، فملهّج وقدير |
قبج ودرّاج وسرب تدارج ، |
|
قد ضمّهن الظبي واليعفور |
غربت بهنّ أجادل وزرازر |
|
وبواشق وفهودة وصقور |
ونواشط من جنس ما هي أفتنت |
|
رأي العيون بها ، وهنّ النور |
وكأنما نوّارها برياضها ، |
|
للمبصريه ، سندس منشور |
وللصاحب كافي الكفاة أبي القاسم في كتابه كافي الرسائل في ذمّ جرجان :
نحن والله من هوائك ، يا جر |
|
جان ، في خطّة وكرب شديد |
حرّها ينضج الجلود ، فإن هبّت |
|
شمالا تكدّرت بركود |
كحبيب منافق ، كلما همّ |
|
بوصل أحاله بالصّدود |
وقال أبو منصور النيسابوري يذكر اختلاف الهواء بها في يوم واحد :
ألا ربّ يوم لي بجرجان أرعن ، |
|
ظللت له من حرقه أتعجّب |
وأخشى على نفسي اختلاف هوائها ، |
|
وما لامرئ عما قضى الله مهرب |
وما خير يوم أخرق متلوّن |
|
ببرد وحرّ ، بعده يتلهّب |
فأوّله للقرّ والجمر ينقب ، |
|
وآخره للثلج والخيش يضرب |
وكان الفضل بن سهل قد ولى مسلم بن الوليد الشاعر ضياع جرجان وضمّنه إياها بخمسمائة ألف وقد بذل فيها ألف ألف درهم ، وأقام بجرجان إلى أن أدركته الوفاة ومرض مرضه الذي مات فيه فرأى نخلة لم يكن في جرجان غيرها فقال :
ألا يا نخلة بالسف |
|
ح من أكناف جرجان |
ألا إني وإياك |
|
بجرجان غريبان |
ثم مات مع تمام الإنشاد ؛ وقد نسب الأقيشر اليربوعي ، وقيل ابن خزيم ، إليها الخمر فقال :
وصهباء جرجانية لم يطف بها |
|
حنيف ، ولم ينفر بها ساعة قدر |