وقرأت في نوادر ابن الأعرابي قال الهيثم بن عدي :
جزيرة العرب من العذيب إلى حضرموت ، ثم قال ما أحسن ما قال! وقال الأصمعي : جزيرة العرب إلى عدن أبين في الطول والعرض من الأبلّة إلى جدّة ؛ وأنشد الأسود بن يعفر وكان قد كفّ بصره :
ومن البليّة ، لا أبا لك ، أنني |
|
ضربت عليّ الأرض بالأسداد |
لا أهتدي فيها لموضع تلعة ، |
|
بين العذيب إلى جبال مراد |
قال فهذا طول جزيرة العرب على ما ذكر ؛ وقال بعض المعمّرين :
لم يبق يا خدلة من لداتي |
|
أبو بنين ، لا ولا بنات |
من مسقط الشّحر إلى الفرات ، |
|
إلّا يعدّ اليوم في الأموات ؛ |
هل مشتر أبيعه حياتي؟ |
فالشحر بين عمان وعدن ؛ قال الأصمعي : جزيرة العرب أربعة أقسام : اليمن ونجد والحجاز والغور ، وهي تهامة ، فمن جزيرة العرب الحجاز وما جمعه وتهامة واليمن وسبا والأحقاف واليمامة والشحر وهجر وعمان والطائف ونجران والحجر وديار ثمود والبئر المعطلة والقصر المشيد وإرم ذات العماد وأصحاب الأخدود وديار كندة وجبال طيء وما بين ذلك.
جَزِيرَةُ عُكاظَ : هي حرّة إلى جنب عكاظ وبها كانت الوقعة الخامسة من وقائع حرب الفجار ؛ قال خداش ابن زهير :
لقد بلوكم ، فأبلوكم بلاءهم ، |
|
يوم الجزيرة ، ضربا غير تكذيب |
إن توعدوني ، فإني لابن عمكم ، |
|
وقد أصابوكم منّي بشؤبوب ، |
وإنّ ورقاء قد أردى ، أبا كنف ، |
|
ابني إياس وعمرا وابن أيّوب |
جَزِيرَةُ ابْنِ عُمَرَ : بلدة فوق الموصل ، بينهما ثلاثة أيام ، ولها رستاق مخصب واسع الخيرات ، وأحسب أن أوّل من عمّرها الحسن بن عمر بن خطّاب التغلبي ، وكانت له امرأة بالجزيرة ، وذكر قرابه سنة ٢٥٠ ؛ وهذه الجزيرة تحيط بها دجلة إلا من ناحية واحدة شبه الهلال ، ثم عمل هناك خندق أجري فيه الماء ونصبت عليه رحى فأحاط بها الماء من جميع جوانبها بهذا الخندق ؛ وينسب إليها جماعة كثيرة ، منهم : أبو طاهر إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن مهران الفقيه الجزري الشافعي ، وكان رجلا كاملا ، جمع بين العلم والعمل ، تفقّه بالجزيرة على عاملها يومئذ عمر بن محمد البزري ، وقدم بغداد وسمع بها الحديث ورجع إلى الجزيرة ودرّس بها ، وأفتى إلى أن مات بها في سنة ٥٧٧ ، ومولده سنة ٥١٧ ؛ وأبو القاسم عمر بن محمد بن عكرمة بن البزري الجزري الإمام الفقيه الشافعي ، قال ابن شافع : وكان أحفظ من بقي في الدنيا على ما يقال بمذهب الشافعي ، وتوفي في شهر ربيع الآخر سنة ٥٦٠ بالجزيرة ، وخلّف تلامذة كثيرة ، وكان من أصحاب ابن الشاشي ؛ وبنو الأثير العلماء الأدباء وهم : مجد الدين المبارك وضياء الدين نصر الله وعز الدين أبو الحسن عليّ بنو محمد بن عبد الكريم الجزري ، كلّ منهم إمام ، مات مجد الدين ، والآخران حيّان ، في سنة ٦٢٦.
جَزِيرَةُ قُوسَنِيَّا : وبعضهم يقول قوسينا : كورة بمصر بين الفسطاط والإسكندرية ، كثيرة القرى وافرة.