استظهر فيه ، فسمي الحدث بذلك الحدث ، ولما كان في فتنة مروان بن محمد خرجت الروم فقدمت مدينة الحدث وأجلت عنها أهلها كما فعلت بملطية ، فلما كان سنة ١٦١ خرج ميخائيل إلى عمق مرعش ووجّه المهدي الحسن بن قحطبة فساح في بلاد الروم حتى ثقلت وطأته على أهلها وحتى صوروه في كنائسهم ، وكان دخوله من درب الحدث فنظر إلى موضع مدينتها فأخبر أن ميخائيل خرج منه فارتاد الحسن موضع مدينة هناك ، فلما انصرف كلم المهدي في بنائها وبناء طرسوس فأمر بتقديم بناء مدينة الحدث ، وكان في غزوة الحسن هذه مندل العنزي المحدث ومعتمر ابن سليمان البصري ، فأنشأها عليّ بن سليمان وهو على الجزيرة وقنسرين ، وسميت المحمدية والمهدية بالمهدي أمير المؤمنين ، ومات المهدي مع فراغهم من بنائها ، وكان بناؤها باللبن ، وكانت وفاته سنة ١٦٩ ، واستخلف ابنه موسى الهادي فعزل عليّ بن سليمان وولى الجزيرة وقنسرين محمد بن إبراهيم بن محمد بن عليّ بن عبد الله بن عباس ، وكان فرض عليّ بن سليمان بمدينة الحدث لأربعة آلاف فأسكنهم إياها ونقل إليها من أهل ملطية وسميساط وشمشاط وكيسوم ودلوك ورعبان ألفي رجل ، وفرض لهم في أربعين من العطاء ، قال الواقدي : ولما بنيت مدينة الحدث هجم الشتاء وكثرت الأمطار ولم يكن بناؤها وثيقا فهدم سور المدينة وشعّثها ونزل بها الروم فتفرق عنها من كان نزلها من الجند وغيرهم ، وبلغ الخبر موسى الهادي فقطع بعثا مع المسيب بن زهير وبعثا مع روح بن حاتم وبعثا مع عمرو بن مالك فمات قبل أن ينفذوا ، ثم ولي الخلافة الرشيد فدفع عنها الروم وأعاد عمارتها وأسكنها الجند ، وكانت عمارتها على يد محمد بن إبراهيم ، آخر البلاذري. ثم لم ينته إليّ شيء من خبره إلّا ما كان في أيام سيف الدولة بن حمدان ، وكان له به وقعات ، وخربته الروم في أيامه ، وخرج سيف الدولة في سنة ٣٤٣ لعمارته ، فعمره وأتاه الدمستق في جموعه فردهم سيف الدولة مهزومين ، فقال المتنبي عند ذلك :
هل الحدث الحمراء تعرف لونها ، |
|
وتعلم أيّ الساقيين الغمائم؟ |
بناها فأعلى ، والقنا يقرع القنا ، |
|
وموج المنايا حولها متلاطم |
طريدة دهر ساقها ، فرددتها |
|
على الدين بالخطّيّ ، والأنف راغم |
تفيت الليالي كلّ شيء أخذته ، |
|
وهن لما يأخذن منك غوارم |
وقال أبو الحسين بن كوجك النحوي وكان ملك الروم عاد لخراب الحدث ثانيا فهزمهم سيف الدولة :
رام هدم الإسلام بالحدث المؤ |
|
ذن بنيانها بهدم الضلال |
نكلت عنك منه نفس ضعيف ، |
|
سلبته القوى رؤوس العوالي |
فتوقي الحمام بالنفس والما |
|
ل ، وباع المقام بالارتحال |
ترك الطير والوحوش سغابا ، |
|
بين تلك السهول والأجبال |
ولكم وقعة قريت عفاة ال |
|
طير فيها جماجم الأبطال |
وينسب إلى الحدث عمر بن زرارة الحدثي ، روى عن عيسى بن يونس وشريك بن عبد الله ، روى عنه أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي وموسى بن هارون ، وعليّ بن الحسن الحدثي ، روى عن عيسى بن يونس ،