إن عندي أحاديث ابن وهب عن ضمام ليست عندك ، فقال : ذاكرني بها ، فأخرجت الكتب أذاكره وكنت كلما ذاكرته بشيء قال : حدثنا به ضمام ، وكان يدلّس حديث حريز بن عثمان وحديث ابن مكرّم وحديث عبد الله بن عمرو زر غبّا تزدد حبّا ، فقلت : أبو محمد لم يسمع هذه الثلاثة الأحاديث من هؤلاء ، فغضب ، فقلت لأبي زرعة : فأيش حاله؟ فقال : أما كتبه فصحاح وكنت أتبع أصوله فأكتب منها وأما إذا حدث من حفظه فلا ، مات في شوال سنة ٢٤٠ عن مائة سنة ، وكان ضريرا ، ومنها سعيد بن عبد الله الحدثاني أبو عثمان ، حدث عن سويد ابن سعيد الحديثي ، روى عنه أبو بكر الشافعي وأحمد بن محمد أبزون وذكر الشافعي أنه سمع منه بحديثة النورة ، وعبد الله بن محمد بن الحسين أبو محمد بن أبي طاهر الحديثي ، سمع أبا عبد الله أحمد بن عبد الله بن الحسين بن إسماعيل المحاملي وأبا القاسم بن بشران ، روى عنه أبو القاسم السمرقندي وعبد الوهاب الأنماطي ، ومات في سنة ٤٨٧ ، وهلال بن إبراهيم بن نجّاد بن عليّ بن شريف أبو البدر النميري الخزرجي الشاعر ، قدم دمشق ، قال القاسم بن أبي القاسم الدمشقي فيما كتب في تاريخ والده إملاء على هلال وكتبت من لفظه :
أطعت الهوى لما تملّكني قسرا ، |
|
ولم أدر أن الحبّ يستعبد الحرّا |
فأصبحت لا أصغي إلى لوم لائم ، |
|
ولا عاذل بالعذل مستترا مغرى |
إذا ما تذكّرت الحديثة والشّرا |
|
وطيب زماني ، بادرت مقلتي تترى |
أشرخ شبابي ، بالفرات ، وشرّتي |
|
وميدان لهوي هل لنا عودة أخرى |
ومنها أيضا روح بن أحمد بن محمد بن أحمد بن صالح الحديثي أصلا البغدادي مولدا أبو طالب قاضي القضاة ببغداد ، وكان يشهد أوّلا عند قاضي القضاة أبي القاسم عليّ بن الحسين الزّينبي سنة ٥٢٤ في شهر رمضان ، ثم رتب نائبا في الحكم بمدينة السلام وأذن له في القعود والمطالبات والحبس والإطلاق من غير سماع بيّنة ولا اسجال في خامس عشر رجب سنة ٥٦٣ ، وفي ربيع الآخر سنة ٥٦٤ أذن له في سماع البينة وأنشأ قضيته بإذن المستنجد ، وكان على ذلك ينوّب في الحكم إلى أن مات المستنجد بالله وولي المستضيء ، فولّاه قضاء القضاة بعد امتناع منه وإلزام له فيه يوم الجمعة حادي عشر شهر ربيع الآخر سنة ٥٦٦ ، واستناب ولده أبا المعالي عبد الملك على القضاء والحكم بدار الخلافة وما يليهما وغير ذلك من الأعمال ولم يزل على ولايته حتى مات ، وقد سمع الحديث من جماعة ، قال عمر بن عليّ القزويني : سألت روح بن الحديثي عن مولده فقال : سنة ٥٠٢ ، ومات في خامس عشر محرم سنة ٥٧٠ ، وأبو جعفر النفيس بن وهبان الحديثي السلمي ، روى عن أبي عبد الله محمد بن محمد ابن أحمد السّلّال وأبي الفضل محمد بن عمر الأرموي في آخرين ، ومات في ثالث عشر صفر سنة ٥٩٩ ، وابنه صديقنا ورفيقنا الإمام أبو نصر عبد الرحيم بن النفيس بن وهبان ، اصطحبنا مدّة ببغداد ومرو وخوارزم في السماع على المشايخ وكانت بيننا مودّة صادقة ، وكان عارفا بالحديث ورجاله وعلومه عارفا بالأدب قيما باللغة جدّا وخصوصا لغة الحديث ، وكان مع ذلك فقيها مناظرا ، وكان حسن العشرة متودّدا مأمون الصحبة صحيح الخاطر مع دين متين ، خلفته بخوارزم في أول سنة ٦١٧ فقتلته التتر بها شهيدا ، وما روى إلا القليل.