الخضراء ونفصت عنه الخيل وأصرّت بآذانها ونفضت بأبوالها ، قال : ونحن محرنجمون فنادينا وقلنا : من أنت؟ فأقبل يلاحظنا كالقرم الصّؤول ثم وثب كوثبة الفهد على أدنانا إليه فضربه ضربة قطّ عجز فرسه وثنّى بالفارس وجزله جزلتين ، فقال القيل ، يعني الملك : ليلحق فارسان برجالنا فليأتيا منهم بعشرين راميا فإنا مشفقون على فلت من هذا ، فلم يلبث أن أقبلت الرجال ففرّقهم على الأنداد الثلاثة وقال : حشوه بالنبل فإن طلع عليكم فدهدهوا عليه الصخر وتحمل عليه الخيل من ورائه ، ثم نزّقنا خيلنا للحملة عليه وإنها لتشمئز عنه ، وأقبل يدنو ويختل ، وكلما خالطه سهم أمرّ عليه يده فكسره في لحمه ، ثم درأ فارسا آخر فضربه فقطع فخذه بسرجه وما تحت السرج من فرسه ، فصاح القيل بخيله : افترقوا ثلاث فرق واحملوا عليه من أقطاره ، ثم صاح به القيل : من أنت؟ ويلك! فقال بصوت كالرعد : أنا حرث لا أراع ولا أحاث ولا ألاع ولا أكرث ، فمن أنت؟ فقال : أنا مثوّب ، فقال : وإنك لهو! قال : نعم ، فقهقر ثم قال : ام يوم انقضت ام مدة وبلغت نهايتها ام عدّة لك كانت هذه ام سرارة ممنوعة ، هذه لغة لبعض اليمن يبدلون اللام وهو لام التعريف ميما ، يريد اليوم انقضت المدّة وبلغت نهايتها العدّة لك كانت هذه السرارة ممنوعة ، ثم جلس ينزع النبل من بدنه وألقى نفسه ، فقال بعضنا للقيل : قد استسلم ، فقال : كلا ولكنه قد اعترف ، دعوه فإنه ميت ، فقال : عهد عليكم لتحفرنني ، فقال القيل : آكد عهد ، ثم كبا لوجهه فأقبلنا إليه فإذا هو ميت ، فأخذنا السيف فما أطاق أحد منّا أن يحمله على عاتقه ، وأمر مثوّب فحفر له أخدود وألقيناه فيه ، واتخذ مثوّب تلك الأرض منزلا وسماها حرث وهو ذو حرث ، قال هشام : ووجدوا صخرة عظيمة على ندّ من تلك الندود مزبورا فيها بالمسند : باسمك ام لهمّ إله من سلف ومن غبر إنك الملك ام كبّار ام خالق ام جبّار ملكنا هذه ام مدرة وحمى لنا أقطارها وأصبارها وأسرابها وحيطانها وعيونها وصيرانها إلى انتهاء عدّة وانقضاء مدّة ثم يظهر عليها ام غلام ذو ام باع ام رحب وام مضاء ام عضب فيتخذها معمرا أعصرا ثم تجوز كما بدت وكل مرتقب قريب ولا بد من فقدان ام موجود وخراب ام معمور وإلى فناء ممار ام أشياء ، هلك عوار ، وعاد عبد كلال ، وهذا الخبر كما تراه عزوناه إلى من رواه ، والله أعلم بصحته.
حُرْجُ : بالضم ثم السكون ، وجيم ، يجوز أن يكون جمع حرجة مثل بدن وبدنة ، وهو الملتف من السدر والطلح والنبع ، عن أبي عبيد ، وقال غيره : الحرجة كل شجر ملتف ، وأكثرهم يجمعونه على حراج ، وهو غدير في ديار فزارة يقال له ابن حرج ، وابن دريد يرويه بفتح الراء وإسقاط ابن.
الحُرْجُلَّةُ : بضم أوله والجيم ، وتشديد اللام ، وهو من صفات الطويلة : من قرى دمشق ذكرها في حديث أبي العميطر السّفياني الخارج بدمشق في أيام محمد الأمين.
حَرَجَةُ : بالتحريك ، قد ذكرنا أن حرجة الموضع الذي يلتف شجره : وهي كورة صغيرة في شرقي قوص بالصعيد الأعلى كثيرة الخيرات ، حدثني الثقة أن شمس الدولة توران شاه بن أيوب أخا الملك الصالح الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب كان يقول : ما أعرف في الدنيا أرضا طولها شوط فرس في مثله تستغل ثلاثين ألف دينار غير الحرجة. والحرجة أيضا :