والألف لأنه قد حكي في تثنيته حموان وهو شاذ ، وقال الأصمعي : الحمى حميان حمى ضريّة وحمى الرّبذة ، قال المؤلف : ووجدت أنا حمى فيد وحمى النير وحمى ذي الشرى وحمى النقيع ، فأما حمى ضرية فهو أشهرها وأسيرها ذكرا ، وهو كان حمى كليب بن وائل فيما زعم لي بعض أهل بادية طيّء ، قال : ذلك مشهور عندنا بالبادية يرويه كابرنا عن كابر ، قال : وفي ناحية منه قبر كليب معروف أيضا إلى اليوم ، وهو سهل الموطئ كثير الخلّة ، وأرضه صلبة ونباته مسمنة ، وبه كانت ترعى إبل الملوك ، وحمى الربذة أيضا أراده رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، بقوله : لنعم المنزل الحمى ، لو لا كثرة حيّاته ، وهو غليظ الموطئ كثير الحموض ، تطول عنه الأوبار وتنفتق الخواصر ويرهل اللحم ، وحمى فيد ، قال ثعلب : الحمى حمى فيد إذا كان في أشعار أسد وطئ ، فأما في أشعار كلب فهو حمى بلادهم قريب من المدينة بينها وبين عرب ، قال أعرابيّ :
سقى الله حيّا بين صارة والحمى ، |
|
حمى فيد ، صوب المدجنات المواطر |
أمين ، وردّ الله من كان منهم |
|
إليهم ، ووقّاهم صروف المقادر |
كأني طريف العين ، يوم تطالعت |
|
بنا الرّمل سلّاف القلاص الضوامر |
أقول لفقّام بن زيد : أما ترى |
|
سنا البرق يبدو للعيون النواظر؟ |
فإن تبك للوجد الذي هيّج الجوى |
|
أعنك ، وإن تصبر فلست بصابر |
وحمى النّير ، بكسر النون ، وقد ذكر في موضعه ، قال الخطيم العكلي :
وهل أرين بين الحفيرة والحمى ، |
|
حمى النير ، يوما ، أو بأكثبة الشعر |
جميع بني عمرو الكرام وإخوتي ، |
|
وذلك عصر قد مضى قبل ذا العصر |
ويروى حمى بن عوى ، وكلاهما بالدّهناء. حمى الشّرى ذكر في الشرى. حمى النقيع ، بالنون ، ذكر في النقيع ، قال الشافعي ، رضي الله عنه ، في تفسير قول النبي ، صلى الله عليه وسلم : لا حمى إلا لله ولرسوله ، كان الشريف من العرب في الجاهلية إذا نزل بلدا في عشيرته استعوى كلبا لخاصّة به مدى عوائه فلم يرعه معه أحد وكان شريكا في سائر المرابع حوله ، قال : فنهى أن يحمى على الناس حمى كما كان في الجاهلية ، وقوله : إلا لله ولرسوله يقول إلا لخيل المرسلين وركابهم المرصدة للجهاد كما حمى عمر النقيع لنعم الصدقة والخيل المعدّة في سبيل الله ، وللعرب في الحمى أشعار كثيرة ما يعنون بها إلّا حمى ضرية ، قال أعرابيّ :
ومن كان لم يغرض ، فإني وناقتي |
|
بنجد إلى أرض الحمى غرضان |
أليفا هوى ، مثلان في سرّ بيننا ، |
|
ولكننا في الجهر مختلفان |
تحنّ فتبدي ما بها من صبابة ، |
|
وأخفي الذي لو لا الأسى لقضاني |
وقال أعرابيّ آخر :
ألا تسألان الله أن يسقي الحمى؟ |
|
بلى فسقى الله الحمى والمطاليا |
فإني لأستسقي لثنتين بالحمى ، |
|
ولو تملكان البحر ما سقتانيا |