وقال الرشيد للعباس بن الأحنف : قل شيئا على موت هيلانة وضياء ، فقال :
أيهدي ضياء ، بعد هيلانة ، البلى؟ |
|
أراك ملقّى من فراق الحبائب |
ولما رأيت الموت ، لا بدّ واقعا ، |
|
تذكّرت قول المبتلى بالمصائب |
لعمرك ما تعفو كلوم مصيبة |
|
على صاحب ، إلّا فجعت بصاحب |
حَوْضَى : بالفتح ثم السكون ، مقصور ، بوزن سكرى ، فهو لا ينصرف معرفة ولا نكرة للتأنيث ولزومه : هو اسم ماء لبني طهمان بن عمرو بن سلمة بن سكن ابن قريط بن عبد بن أبي بكر بن كلاب إلى جنب جبل في ناحية الرمل ، وقد تقدّم أنه حوضاء ممدود ، والله أعلم ، وقد أكثرت شعراء هذيل من ذكر هذا في شعرهم فإن لم يكن في بلادهم فهو قريب منها ، قال أبو خراش :
فأقسمت لا أنسى قتيلا رزئته |
|
بجانب حوضي ، ما مشيت على الأرض |
وقال أبو ذؤيب :
من وحش حوضي يراعي الصّيد منتقلا ، |
|
كأنه كوكب في الجوّ منفرد |
ويروى منجرد ، وقرأت في نوادر أبي زياد : حوضي نجد من منازل بني عقيل ، وفيه حجارة صلبة ليس بنجد حجارة أصلب منها ، قال ذو الرّمة :
إذا ما بدت حوضي وأعرض حارك |
|
من الرمل ، تمشي حوله العين ، أعفر |
والحارك : المرتفع ، وقرأت في بعض الكتب : توفي زوج أعرابيّة فخطبها ابن عمّ لها ، فأطرقت وجعلت تنكت الأرض بإصبعها حتى خدّت فيها حفيرا ، وملأته من دموعها ، وكانت لهم مقبرة يقال لها حوضي وقد دفن فيها زوجها ، فقالت :
فإن تسألاني عن هواي ، فإنه |
|
مقيم بحوضى أيها الرجلان |
وإن تسألاني عن هواي ، فإنه |
|
رهين له بالبثّ يا فتيان |
وإنّي لأستحييه ، والترب بيننا ، |
|
كما كنت أستحييه وهو يراني |
أهابك إجلالا ، وإن كنت في الثرى ، |
|
وأكره حقّا أن يسؤك مكاني |
فقام الفتى وأيس منها ، ثم رآها بعد في المقابر في أحسن زيّ ، فقال لرجل معه : أما ترى فلانة في أحسن زيّ هي خرجت متعرّضة للرجال؟ فلما دنت من قبر زوجها التزمته وأنشأت تقول :
يا صاحب القبر ، يا من كان ينعم بي |
|
عيشا ، ويكثر في الدنيا مواتاتي |
لمّا علمتك تهوى أن تراني في |
|
حلي ، وتهواه من ترجيع أصواتي |
فمن رآني رأى حيرى مفجّعة ، |
|
بشهرة الزّي أبكي بين أمواتي |
ثم شهقت شهقة فارقت معها الدنيا ، فدفنت إلى جنب زوجها ، وقال القتال الكلابي :
وما أنس م الأشياء لا أنس نسوة |
|
طوالع من حوضي ، وقد جنح العصر |
ولا موقفي بالعرج ، حتى أجنّها |
|
عليّ من العرجين أسترة حمر |
طوالع من حوضي الرّداة كأنها |
|
نواعم من مرّان ، أوقرها النّسر |