من التتر بخراسان في سنة ٦١٧.
الخُلْدُ : بضم أوله ، وتسكين ثانيه : قصر بناه المنصور أمير المؤمنين ببغداد بعد فراغه من مدينته على شاطئ دجلة في سنة ١٥٩ ، وكان موضع البيمارستان العضديّ اليوم أو جنوبيه ، وبنيت حواليه منازل فصارت محلة كبيرة عرفت بالخلد ، والأصل فيها القصر المذكور ، وكان موضع الخلد قديما ديرا فيه راهب ، وإنما اختار المنصور نزوله وبنى قصره فيه لعلة البقّ ، وكان عذبا طيب الهواء لأنه أشرف المواضع التي ببغداد كلها ، ومرّ بالخلد عليّ بن أبي هاشم الكوفي فنظر إليه فقال :
بنوا وقالوا : لا نموت ، |
|
وللخراب بنى المبنّي |
ما عاقل ، فيما رأيت ، |
|
إلى الخراب بمطمئنّ |
وقد نسب إلى هذه المحلّة جماعة من أهل العلم والزهّاد ، منهم : جعفر الخلدي الزاهد ، وقد روى بعض الصوفيّة أن جعفر بن محمد بن نصير بن القاسم أبا الخوّاص المعروف بجعفر الخلدي لم يسكن الخلد قط ، وكان السبب في تسميته بذلك أنه سافر الكثير ولقي المشايخ الكبراء من الصوفية والمحدثين ثم عاد إلى بغداد واستوطنها فحضر عند الجنيد وعنده جماعة من أصحابه ، فسئل الجنيد عن مسألة فقال : يا أبا محمد أجبهم ، فقالوا : أين نطلب الرزق؟ فقال : إن علمتم أيّ موضع هو فاطلبوه ، فقالوا : نسأل الله ذلك؟ فقال : إن علمتم أنه نسيكم فذكّروه ، فقالوا : ندخل البيت ونتوكل ، فقال : أتختبرون ربكم بالتوكل؟ هذا شك! فقالوا : كيف الحيلة؟ فقال : ترك الحيلة ، فقال الجنيد : يا خلديّ من أين لك هذه الأجوبة؟ فجرى اسم الخلدي عليه ، قال : والله ما سكنت الخلد ولا سكنه أحد من آبائي! ومات الخلدي في شهر رمضان سنة ٣٤٨ ، وقال ابن طاهر : الخلدي لقب لجعفر بن نصير وليس بنسبة إلى هذا الموضع ، ومن المنسوبين إليه صبيح بن سعيد النجاشي الخلدي المرّاق ، كان يضع الأحاديث ، قال يحيى بن معين : كان كذابا خبيثا ، وكان ينزل الخلد ، وكان المبرّد محمد بن يزيد النحوي ينزله فكان ثعلب يسميه الخلدي لذلك ، وسماه المنصور بذلك تشبيها له بالخلد اسم من أسماء الجنة ، وأصله من الخلود وهو البقاء في دار لا يخرج منها. والخلد أيضا : ضرب من الفيران خلقه الله أعمى لا يرى الدنيا قط ولا يكون إلا في البراري المقفرة.
الخَلْصَاء : بفتح أوله ، وتسكين ثانيه ، والصاد مهملة ، والمدّ ، قال أبو منصور : بلد بالدّهناء معروف ، وقال غيره : الخلصاء أرض بالبادية فيها عين ، وقال الأصمعي : الخلصاء ماء لعبادة بالحجاز ، والصحيح ما ذهب إليه الأزهري لأنه رأى تلك المواضع ، وقد ذكره ذو الرّمة والدهناء منازله فقال :
ولم يبق بالخلصاء مما عنت به |
|
من الرّطب ، إلا يبسها وهشيمها |
وقال أيضا :
أشبهن من بقر الخلصاء أعينها ، |
|
وهن أحسن من صيرانها صورا |
خَلْصٌ : موضع بآرة بين مكة والمدينة واد فيه قرى ونخل ، قال الشاعر :
فإنّ بخلص فالبريراء فالحشا |
|
فوكد إلى النّهيين من وبعان |