واستان كالنسبة في كلام الفرس ، قال شاعر يهجوهم :
بخوزستان أقوام |
|
عطاياهم مواعيد |
دنانيرهم بيض |
|
وأعراضهم سود |
وقال المضرّجي بن كلاب السعدي أحد بني الحارث بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم شهدوا وقائع المهلّب بن أبي صفرة للخوارج فقال :
ألا يا من لقلب مستجنّ |
|
بخوزستان قد ملّ المزونا |
لهان على المهلّب ما ألاقي ، |
|
إذا ما راح مسرورا بطينا |
ألا ليت الرياح مسخّرات |
|
لحاجتنا ، يرحن ويغتدينا |
قال أبو زيد : وليس بخوزستان جبال ولا رمال إلا شيء يسير يتاخم نواحي تستر وجنديسابور وناحية إيذج وأصبهان ، وأما أرض خوزستان فأشبه شيء بأرض العراق وهوائها وصحتها ، فإن مياهها طيبة جارية ولا أعرف بجميع خوزستان بلدا ماؤهم من الآبار لكثرة المياه الجارية بها ، وأما تربتها فإن ما بعد عن دجلة إلى ناحية الشمال أيبس وأصحّ ، وما كان قريبا من دجلة فهو من جنس أرض البصرة في السّبخ وكذلك في الصحة ، قال : وليس بخوزستان موضع يجمد فيه الماء ويروح فيه الثلج ، ولا تخلو ناحية من نواحيها المنسوب إليها من النخل ، وهي وخمة والعلل بها كثيرة خصوصا في الغرباء المتردّدين إليها ، وأما ثمارهم وزروعهم فإن الغالب على نواحي خوزستان النخل ولهم عامة الحبوب من الحنطة والشعير والأرز فيخبزونه وهو لهم قوت كرستاق كسكر من واسط ، وفي جميع نواحيها أيضا قصب السكر إلا أن أكثره بالمسرقان ويرفع جميعه إلى عسكر مكرم ، وليس في قصبة عسكر مكرم شيء كثير من قصب السكر وكذلك بتستر والسوس وإنما يحمل إليها القصب من نواح أخر ، والذي في هذه الثلاثة بلاد إنما يكون بحسب الأكل لا أن يستعصر منه سكر ، وعندهم عامّة الثمار إلّا الجوز وما لا يكون إلا ببلاد الصّرود.
وأما لسانهم فإن عامتهم يتكلمون بالفارسية والعربية ، غير أن لهم لسانا آخر خوزيّا ليس بعبراني ولا سرياني ولا عربي ولا فارسي ، والغالب على أخلاق أهلها سوء الخلق والبخل المفرط والمنافسة فيما بينهم في النزر الحقير ، والغالب على ألوانهم الصّفرة والنّحافة وخفّة اللحى ووفور الشعر ، والضخامة فيهم قليل ، وهذه صفة لعامّة بلاد الجروم ، والغالب عليهم الاعتزال ، وفي كورهم جميع الملل ، وتتصل زاوية خوزستان هذه بالبحر فيكون له هور ، والهور كالنهر يندّ من البحر ضاربا في الأرض تدخله سفن البحر إذا انتهت إليه ، فإنه يعرض وتجتمع مياه خوزستان بحصن مهدي وتنفصل منه إلى البحر فتتصل به ويعرض هناك حتى ينتهي في طرفه المدّ والجزر ثم يتسع حتى لا يرى طرفاه ، قالوا : وغزا سابور ذو الأكتاف الجزيرة وآمد وغير ذلك من المدن الرومية فنقل خلقا من أهلها فأسكنهم نواحي خوزستان فتناسلوا وقطنوا بتلك الديار ، فمن ذلك الوقت صار نقل الديباج التّستري وغيره من أنواع الحرير بتستر والخزّ بالسوس والسّتور والفرش ببلاد بصنا ومتّوث إلى هذه الغاية ، والله أعلم.
خُوزِيَانُ : بعد الزاي المكسورة ياء مثناة من تحتها ، وآخره نون : قصر من نواحي نسف بما وراء النهر ، ينسب إليه أبو العباس المهدي بن سفيان بن حامد