غينى ، الغين معجمة مقصورة ، وثبير الأعرج ، وثبير آخر ذهب عني اسمه ، وثبير منى ، وقال الأصمعي : ثبير الأعرج هو المشرف بمكة على حق الطارقيّين ، قال : وثبير غينى وثبير الأعرج وهما حراء وثبير ؛ وحكى أبو القاسم محمود بن عمر الثبيران ، بالتثنية ، جبلان مفترقان يصبّ بينهما أفاعية ، وهو واد يصبّ من منى ، يقال لأحدهما ثبير غينى وللآخر ثبير الأعرج ؛ وقال نصر : ثبير من أعظم جبال مكة ، بينها وبين عرفة ، سمّي ثبيرا برجل من هذيل مات في ذلك الجبل فعرف الجبل به ، واسم الرجل ثبير ؛ وروى أنس بن مالك ، رضي الله عنه ، عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : لما تجلّى الله تعالى للجبل يوم موسى ، عليه السلام ، تشظّى فصارت منه ثلاثة أجبل فوقعت بمكة ، وثلاثة أجبل وقعت بالمدينة ، فالتي بمكة حراء وثبير وثور ، والتي بالمدينة أحد وورقان ورضوى ؛وفي الحديث : كان المشركون إذا أرادوا الإفاضة قالوا : أشرق ثبير كيما نغير ، وذاك أن الناس في الجاهلية كانوا إذا قضوا نسكهم لا يجيزهم إلّا قوم مخصوصون ، وكانت أوّلا لخزاعة ثم أخذتها منهم عدوان فصارت إلى رجل منهم يقال له أبو سيّارة أحد بني سعد بن وابش بن زيد بن عدوان ، وفيه يقول الراجز :
خلّوا السبيل عن أبي سيّاره ، |
|
وعن مواليه بني فزاره ، |
حتى يجيز سالما حماره ، |
|
مستقبل الكعبة يدعو جاره |
ثم صارت الإجازة لبني صوفة ، وهو لقب الغوث ابن مرّ بن أدّ أخي تميم ؛ قال الشاعر :
ولا يريمون في التعريف موقفهم ، |
|
حتى يقال : أجيزوا آل صفوانا |
وكانت صورة الإجازة أن أبا سيّارة كان يتقدم الحاج على حمار له ثم يخطب الناس فيقول : اللهمّ أصلح بين نسائنا ، وعاد بين رعائنا ، واجعل المال بين سمحائنا ، أوفوا بعهدكم ، وأكرموا جاركم ، وأقروا ضيفكم ، ثم يقول : أشرق ثبير كيما نغير ، أي نسرع إلى النّحر ؛ وأغار أي شدّ العدوّ وأسرع ؛ قلت : أما قولهم أشرق ثبير وثبير جبل ، والجبل لا يشرق نفسه ولكني أرى أن الشمس كانت تشرق من ناحيته ، فكأن ثبيرا لما حال بين الشمس والشرق خاطبه بما تخاطب به الشمس ، ومثله جعلهم الفعل للزمان على السعة ، وإن كان الزمان لا يفعل شيئا ، قولهم : نهارك صائم وليلك قائم ، فينسبون الصوم والقيام إلى النهار والليل لأنهما يقعان فيهما ، ومنه قوله عز وجل : (جَعَلَ) ... (النَّهارَ مُبْصِراً) ؛ أي تبصرون فيه ، ثم جعل الفعل له حتى كأنه الذي يبصر دون المخاطب ، ونحو ذلك كثير في كلامهم ، وهذا الشيء عقلي ، فقلته ولم أنقله عن أحد ، وأما اشتقاقه فإن العرب تقول : ثبره عن ذلك يثبره ، بالضم ، ثبرا إذا احتبسه ، يقال : ما ثبرك عن حاجتك؟ قال ابن حبيب : ومنه سمّى ثبير لأنه يواري حراء ؛ قلت أنا : يجوز أن يسمّى ثبيرا لخبسه الشمس عن الشروق في أول طلوعها ؛ وبمكة أيضا أثبرة غير ما ذكرنا ، منها : ثبير الزنج كانوا يلعبون عنده ، وثبير الخضراء ، وثبير النّصع ، وهو جبل المزدلفة ، وثبير الأحدب ، كل هذه بمكة ؛ وقال أبو عبد الله محمد بن إسحاق الفاكهي في كتاب مكة من تصنيفه : كان ابن الرّهين العبدري المكي صاحب نوادر ، ويحكى عنه حكايات ، فمن ذلك أنه كان يوافي كل يوم أصل ثبير فينظر إليه وإلى قلّته إذا تبرّز وفرغ ثم يقول : قاتلك الله فما ذا فني من قومي من رجال