لهما عما قبلهما ، ومثلها الفاء وأو ، ويشرح ذلك مع الواو (١) وأو فيقول : الصرف : «أن تأتى بالواو معطوفة على كلام فى أوله حادثة لا تستقيم إعادتها على ما عطف عليها .. كقول الشاعر :
لا تنه عن خلق وتأتى مثله |
|
عار عليك إذا فعلت عظيم |
ألا ترى أنه لا يجوز إعادة لا فى «تأتى مثله» فلذلك سمّى صرفا إذ كان معطوفا ولم يستقم أن يعاد فيه الحادث الذى قبله. ومثله من الأسماء التى نصبتها العرب وهى معطوفة على مرفوع قولهم «لو تركت والأسد لأكلك» و «لو خلّيت ورأيك لضللت» .. والعرب تقول : «لست لأبى إن لم أقتلك أو تذهب نفسى» ويقولون : «والله لأضربنّك أو تسبقنّى فى الأرض» فهذا مردود (معطوف) على أول الكلام ومعناه الصّرف لأنه لا يجوز على الثانى إعادة الجزم بلم ولا إعادة اليمين على والله لتسبقنّى ، وتجد ذلك إذا امتحنت الكلام» (٢). ويقول فى موضع ثان : «الصرف أن يجتمع الفعلان بالواو أو ثم أو الفاء أو أو وفى أولهما جحد (نفى) أو استفهام ثم ترى ذلك الجحد أو الاستفهام ممتنعا أن يكرّ فى العطف فذلك الصرف» (٣).
ونرى هذا الاصطلاح عند الفراء يقرن باصطلاح آخر ينسب إليه أيضا هو الخلاف ، إذ يقول الرضىّ إن الأفعال المضارعة تنصب بعد الواو والفاء وأو عند الفراء على الخلاف ، ويشرح رأيه فيقول : «أى أن المعطوف بها صار مخالفا للمعطوف عليه فى المعنى ، فخالفه فى الإعراب كما انتصب الاسم الذى بعد الواو فى المفعول معه لما خالف ما قبله ، وإنما حصل التخالف ههنا بينهما ، لأنه طرأ على الفاء معنى السببية وعلى الواو معنى الجمعية وعلى أو معنى النهاية والاستثناء» (٤). ولعله كان يتداول الاصطلاحين فى كتاباته ، ومن هنا كنا
__________________
(١) معروف أن الواو والفاء الناصبتين للمضارع لا تنصبانه إلا بعد نفى أو طلب ، وتسميان عند البصريين واو المعية وفاء السببية.
وأو لا تنصب المضارع إلا إذا كان معناها إلى أو إلا. وثلاثتها لا تنصبه عند البصريين مباشرة ، وإنما تنصبه بأن مضمرة وجوبا.
(٢) معانى القرآن ١ / ٣٤.
(٣) معانى القرآن ٢ / ٢٣٥.
(٤) الرضى على الكافية ٢ / ٢٢٤ وانظر ابن يعيش ٢ / ٤٩ والهمع ١ / ٢٢٠.