على نحو ما أبدلت ميما فى «لم» (١). ومن ذلك «لكن» ذهب البصريون إلى أنها بسيطة ، وذهب الفراء إلى أن أصلها «أن» زيدت عليها لام وكاف ، وطرحت الهمزة للتخفيف ، كما زيدت عليها اللام والهاء فى بعض اللغات ، فأصبحت «لهنّك» (٢). ومن ذلك «كم» ذهب البصريون إلى أنها بسيطة موضوعة للعدد ، بينما ذهب الفراء إلى أنها مركبة من الكاف وما ، وكثرت فى كلامهم ، فحذفت الألف تخفيفا ، وسكنت الميم (٣). ومن ذلك «أنت» ولو احقها كان الخليل يعدّ «أن» الضمير والتاء وتوابعها حروف تدل على الخطاب ، وكان الفراء يذهب إلى أن «أنت» بسيطة وليست مركبة (٤). ومن ذلك «هو» كان يذهب فيها إلى أن الهاء هى الضمير والواو صلة ، وكذلك «هى» الهاء الضمير والياء صلة ، بدليل سقوطهما جميعا فى التثنية تقول هما وقد ألحقوا بالهاء حينئذ ميما ، ليقوا بالميم فتحة الألف (٥). ومن ذلك «ويحك وويلك» ذهب البصريون إلى أنهما مؤلفان من ويح وويل ، بدليل مجيئهما هكذا فى الكلام ، وذهب الفراء إلى أن أصلهما «وى» ووصلا بحاء مرة وبلام مرة مع إضافة كاف الخطاب (٦).
ومن ذلك «مذ ومنذ» ذهب البصريون إلى أنهما بسيطتان ومنذ هى الأصل ، وذهب الفراء إلى أنهما مركبتان وأن أصلهما «من ذو» أى من الجارة وذو الطائية التى تأتى بمعنى الذى ، وكأنك حين تقول «ما رأيته مذ يومان» إنما تقول :
«ما رأيته من الزمان الذى هو يومان» (٧). وبنفس التفسير فسّر «ماذا» فى قولك :
«ماذا صنعت» فجعلها مركبة من ما الاستفهامية وذا الطائية (٨). ومن طرائف تفسيره تحليله لكلمة «الآن» فقد ذهب إلى أن أصلها «أوان» حذفت منها الألف الوسطى وغيّرت واوها إلى الألف وأدخلت عليها الألف واللام. ويعقّب
__________________
(١) المغنى ص ٣١٤ والرضى على الكافية ١ / ٢١٨ وابن يعيش ٨ / ١١٣ والهمع ٢ / ٣.
(٢) معانى القرآن ١ / ٤٦٥ وانظر المغنى ص ٣٢٢.
(٣) معانى القرآن ١ / ٤٦٦ وانظر الإنصاف المسألة رقم ٤٠.
(٤) الرضى على الكافية ٢ / ١٠ وانظر الكتاب ٢ / ٦٧.
(٥) مجالس العلماء للزجاجى (طبع الكويت) ص ١٣٧.
(٦) ابن يعيش ١ / ١٢١.
(٧) ابن يعيش ٨ / ٤٦.
(٨) معانى القرآن ١ / ١٣٨.