ونزل فى سنة ٢٨٧ بمصر نحوى بصرى من تلاميذ المبرد هو على (١) بن سليمان الأخفش الصغير وظل بها حتى سنة ٣٠٠ للهجرة يعلم النحو واللغة ، وله تصانيف مختلفة فيهما ، من أهمها شرحه على كتاب سيبويه ، وكان يتعصب للمبرد والبصريين فى تصانيفه.
وما نكاد نمضى فى القرن الرابع الهجرى لعصر الدولة الإخشيدية حتى تظهر طائفة من النحاة النابهين فى مقدمتهم كراع النمل وأبو العباس أحمد بن ولّاد. وكراع (٢) النمل هو على بن الحسن الهنائى الأزدى ، عاش حتى سنة ٣٢٠ وقد رحل إلى بغداد ، وأخذ عن النحويين البصريين والكوفيين. وكان يمزج فى مصنفاته بين آرائهما وكان إلى آراء البصريين أميل ، وصنّف فى اللغة كتبا مختلفة ، من أهمها «المنضد» ويقال إنه لقب بكراع النمل لقصره.
وأنبه منه وأشهر أبو العباس (٣) أحمد بن محمد بن ولاد المتوفى سنة ٣٣٢ للهجرة. ورث العناية بالنحو والإكباب على درسه عن أبيه وجده السالفين ، وإليه صارت نسخة أبيه من كتاب سيبويه التى أخذها عن المبرد كما أسلفنا ، وقد رحل إلى العراق وتتلمذ للزجاج البصرى ، وكان يعجب به لذكائه وبصره بمسائل النحو وقدرته على الاستنباط. وعاد إلى موطنه وظل يفيد الطلاب ويصنف فى اللغة والنحو إلى وفاته. وعنه أخذ المنذر بن سعيد قاضى قضاة الأندلس معجم «العين» المنسوب للخليل. ويقال إن بعض أمراء مصر جمع بينه وبين أبى جعفر النحاس للمناظرة ، فقال له النحاس : كيف تبنى مثال «افعلوت» من رميت؟ فقال : أبو العباس : «ارمييت» فخطّأه النحاس قائلا : ليس فى كلام العرب افعلوت ولا افعليت. فقال أبو العباس : إنما سألتنى أن أمثّل
__________________
(١) راجع ترجمته فى الزبيدى ص ١٢٥ ونزهة الألباء ص ٢٤٨ وإنباه الرواة ٢ / ٢٧٦ وتاريخ بغداد ١٢ / ٤٣٣ ومعجم الأدباء ١٣ / ٢٤٦١ وابن خلكان ١ / ٣٣٢ وبغية الوعاة ص ٣٣٨ واللباب ١ / ٢٦ وشذرات الذهب ٢ / ٢٧٠.
(٢) انظر ترجمته فى إنباه الرواة ٢ / ٢٤٠ ومعجم الأدباء ١٣ / ١٢ وبغية الوعاة ص ٣٣٣.
(٣) راجع فى ترجمة أبى العباس بن ولاد الزبيدى ص ٢٣٨ وإنباه الرواة ١ / ٩٩ ومعجم الأدباء ٤ / ٢٠١ ومرآة الجنان ٢ / ٣١١ وبغية الوعاة ص ١٦٩.