أن نراه يعرض للمندوب الموصوف فى مثل «وازيد الشاعر» فيقول إنه لا يصح أن يقال الشاعراه لأن الشاعر ليس بمنادى ، ولو جاز ذلك لجاز أن تقول : «وازيدا أنت الفارس البطلاه» لأن هذا غير نداء كما أن ذاك غير نداء ، يقول : «وليس هذا مثل وا أمير المؤمنيناه» ولا مثل : «واعبد قيساه» لأن المضاف والمضاف إليه بمنزلة اسم واحد منفرد ، والمضاف إليه هو تمام الاسم ، ولذلك تلحقه ألف الندبة وهاؤها (١). ومن ذلك نصّه على أن كلمة أخر وحدها هى التى تمنع من الصرف للوصفية والعدل دون أخواتها مثل الطّول والوسط والكبر والصّغر ، لأنهن لا يكنّ صفة إلا وفيهن الألف واللام ، بخلاف أخر فإنها تجىء صفة بدونهما ، ونراه ينص على أنه لا يقال نسوة صغر ولا هؤلاء نسوة وسط ولا تقول هؤلاء قوم أصاغر ، فكل ذلك لم يأت فى اللغة ، أما أخر فقد خالفت هذا الأصل وجاءت صفة للمنكر غير مقترنة بالألف واللام ، ومن ثمّ تركوا صرفها (٢) ، ومن أجل ذلك قال النحاة بعده إنها منعت من الصرف لأنها معدولة عن الأخر ذات الألف واللام.
وفى رأينا أن الخليل وتلميذه سيبويه هما اللذان فتحا باب التمارين غير العملية على مصاريعه ، حيث نرى سيبويه يتوقف فى كتابه مرارا ليسأله أستاذه عن تطبيق قاعدة فى مثال لم يأت عن العرب. وعمّم النحاة ذلك فيما بعد واتسعوا فيه إظهارا لمهارتهم وقد يكون بعض ذلك لمحاولة تدريب ناشئة النحاة على الدقة فى التطبيق ، فمن ذلك ما ذكره سيبويه من أنه سأل الخليل عن رجل سمّى «أولو» من قوله عزوجل : (نَحْنُ أُولُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ) أو سمّى «ذوو» من قولهم ذوو عزة ، وكيف يجرى إعرابهما حسب مواقع الكلام ، فقال : أقول : «هذا ذوون ، وهذا أولون» لأنى لم أضف (أى لم أتبعهما المضاف إليه) وإنما ذهبت النون فى الإضافة (٣). ومعروف أن كلمة قاض تنوّن مصروفة هى وما على مثالها ، ويقول سيبويه : «وسألته عن رجل يسمّى خ خ يرمى أو أرمى فقال : أنوّنه لأنه إذا صار اسما فهو بمنزلة قاض إذا كان اسم امرأة» (٤) وكأن مجيئه
__________________
(١) الكتاب ١ / ٣٢٣.
(٢) الكتاب ٢ / ١٤.
(٣) الكتاب ٢ / ٤٢.
(٤) الكتاب ٢ / ٥٨.