(وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) جملة اسمية في موضع نصب على الحال من الضمير المرفوع في (لِتَأْكُلُوا).
المفردات اللغوية :
(وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ) أي يأكل بعضكم مال بعض بغير وجه مشروع ، والمراد بالأكل : الأخذ والاستيلاء ، وعبر به ، لأن المقصود الأعظم من المال هو الأكل. وأكل المال بالباطل له وجهان : الأول ـ أخذه على وجه الظلم والسرقة والغصب ونحو ذلك. والثاني ـ أخذه من جهة محظورة كالقمار ، وأجرة الغناء ، ونحو ذلك من سائر الوجوه التي حرمها الشرع. وقد انتظمت الآية تحريم كل هذه الوجوه. والباطل : في اللغة : الذاهب أو الزائل ، والمراد به هنا الحرام شرعا كالسرقة والغصب. ويشمل كل ما أخذ دون مقابل ، أو دون رضا من صاحبه ، أو أنفق في غير وجه حقيقي نافع.
(وَتُدْلُوا) تلقوا بالأموال إلى الحكام رشوة للوصول إلى الحكم القضائي لصالحكم.
(فَرِيقاً) الفريق من الشيء : الجملة والطائفة منه. (بِالْإِثْمِ) أي متلبسين بالإثم ، أي الظلم والتعدي : وهو شهادة الزور أو اليمين الكاذبة الفاجرة أو نحوها ، وسمي ذلك إثما ، لأن الإثم يتعلق بفاعله.
(وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) أنكم مبطلون آثمون ، وهذه مبالغة في الجرأة والمعصية.
سبب النزول :
قال مقاتل بن حيان : نزلت هذه الآية في امرئ القيس بن عابس الكندي ، وفي عبدان بن أشوع الحضرمي ، وذلك أنهما اختصما إلى النّبي صلىاللهعليهوسلم في أرض ، وكان امرؤ القيس هو المطلوب (المدعى عليه) ، وعبدان هو الطالب (المدعي) ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ، فحكم عبدان في أرضه ، ولم يخاصمه (١).
وقال سعيد بن جبير : إن امرأ القيس بن عابس وعبدان بن أشوع الحضرمي ، اختصما في أرض ، وأراده امرؤ القيس أن يحلف ، ففيه نزلت : (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ).
__________________
(١) البحر المحيط : ٢ / ٥٥