المناسبة :
مناسبة الآية لما قبلها ظاهرة ، وذلك أن من يعبد الله تعالى بالصيام ، فحبس نفسه عمّا تعوّده من الأكل والشرب والمباشرة للمرأة في النهار ، ثم حبس نفسه عن الممنوعات في الصيام ، جدير به ألا يكون مطعمه ومشربه إلا من الحلال الخالص الذي ينور القلب ، ويزيده بصيرة ، ويفضي به إلى الاجتهاد في العبادة ، فنهي عن أكل الحرام المؤدي إلى عدم قبول صيامه.
التفسير والبيان :
أبان الله تعالى في آيات الصيام حلّ أكل الإنسان من ماله ، وناسب هنا أن يذكر حكم أكل مال الغير.
نهانا الله تعالى أن يأكل بعضنا أموال بعض بغير وجه مشروع ، وأضاف كلمة (أَمْوالِ) إلى الجماعة إشعارا بأن المال في الحقيقة مال الأمة أو الجماعة ، فهي أمة واحدة متكافلة ، وتنبيها إلى أن احترام وحفظ مال غيرك احترام وحفظ لمالك. فيكون التعدي على مال الآخرين جناية على الأمة التي هو فرد منها وعضو فيها. وأضيفت الأموال إلى ضمير المنهي ، لأن كل واحد منهي ومنهي عنه.
والأكل بالباطل : يشمل كل ما أخذ بغير وجه الحق ، كالرّبا والقمار ، لأنه أخذ بدون مقابل ، والرشوة والدفاع بالباطل ، لأنهما إعانة على الظلم ، والصدقة على القادر على الكسب ، لأنها إذلال له ، ولا تحل للآخذ إذا كان غير مضطر إليه ، والسرقة والغصب ، لأنهما اعتداء على مال الغير ، سواء أكان غصب مال عيني أم غصب المنافع ، أم التعدي على منفعة الآخرين ، كالتسخير بدون مقابل أو الإنقاص من الأجر ، وأكل مال اليتيم ظلما ، وأجور الرقص والغناء ، ومهور البغايا ، ومقابل التمائم والعزائم وختمات القرآن ، والمأخوذ غشا واحتيالا وزورا