وبهتانا ، ونحو ذلك من أموال السحت والحرام ، التي تؤدي إلى النار ، لأن كل جسم نبت من حرام فالنار أولى به.
وقد جاء النهي عن أكل الأموال بالباطل في آيات أخرى ، منها : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ) [النساء ٤ / ٢٩] ، ومنها : (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً ...) [النساء ٤ / ١٠].
ومعنى (وَتُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ) : ألا تلقوا بالأموال إلى الحكام رشوة لهم ، لأخذ شيء من أموال الناس بالإثم كاليمين الكاذبة الفاجرة أو شهادة الزور ، أو نحو ذلك من وسائط الوصول إلى الحرام. وتشمل هذه الآية وجهين :
الأول ـ تقديم الأموال رشوة للحكام ، ليقضوا لهم بالباطل وأخذ حق الغير.
الثاني ـ رفع القضايا للمحاكم ، اعتمادا على الحجة الباطلة ، وتزييف الحقائق ، وشهادة الزور ، واليمين الغموس. وهذا ما حذر منه النّبي صلىاللهعليهوسلم في حديث أم سلمة الذي رواه مالك وأحمد وأصحاب الكتب الستة ، قالت : «كنت عند رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فجاء رجلان يختصمان في مواريث وأشياء أخرى» ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إنما أنا بشر ، وإنكم تختصمون إلي ، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض ، فأقضي له بنحو مما أسمع ، فمن قضيت له من حق أخيه شيئا ، فلا يأخذه ، فإنما أقطع له قطعة من النار» ، فبكى الخصمان ، وقال كل واحد منهما : أنا حلّ لصاحبي ، فقال صلىاللهعليهوسلم : «اذهبا فتوخّيا ، ثم استهما ، ثم ليحلل كل واحد منكما صاحبه» (١).
__________________
(١) ألحن : أفطن وأعرف وأقدر عليها من صاحبه. والتوخي : قصد الحق ، والاستهام :الاقتراع ، أي اقصدا الحق في القسمة ، وليأخذ كل منكما ما تخرجه القرعة من النصيب أو السهم.