فقه الحياة أو الأحكام :
منعت هذه الآية جميع أفراد الأمة المحمدية من أن يأكل بعضهم مال بعض بغير حق ، ويشمل ذلك القمار والخداع والغصوب وجحد الحقوق ، وما لا تطيب به نفس المالك ، أو حرّمته الشريعة وإن أداه الإنسان برضاه ، كمهر البغي (الزانية) وحلوان الكاهن (١) وأثمان الخمور والخنازير وغيرها من وجوه اللهو الحرام.
ومن الأكل بالباطل : أن يقضي القاضي لك وأنت تعلم أنك مبطل ، فالآية صريحة في أن الإثم على من أكل ، وهو يعلم أنه ظالم في الأكل ، وأما غيره فلا إثم عليه. والحرام لا يصير حلالا بقضاء القاضي ، لأنه إنما يقضي بالظاهر ، كما دلّ حديث أم سلمة المتقدم ، وهو الموافق للواقع.
لكن مع ذلك ظهر خلاف في الموضوع بين الفقهاء :
فقال أبو حنيفة : ينفذ حكم القاضي في العقود والفسوخ ، ظاهرا وباطنا ، لأن مهمته القضاء بالحق ، فإذا حكم الحاكم ببينة بعقد أو فسخ عقد ، فحكمه نافذ ، ويكون كعقد عقداه ابتداء ، وإن كان الشهود شهود زور. مثل أن يدعي رجل على امرأة أنه تزوجها ، فأنكرت ، فأقام على ادعائه شاهدي زور ، فقضى القاضي بعقد الزواج بينهما ، حلّ للرجل الاستمتاع بها ، ولو قضى القاضي بالطلاق ، فرّق بينهما ، وإن كان الرجل منكرا. ونفاذ حكم القاضي على هذا النحو مقيد بشرطين :
١ ـ ألا يعلم بكون الشهود زورا.
__________________
(١) الكهانة : ادعاء معرفة الغيب أو التنجيم ، والعرافة : ادعاء معرفة الماضي والمستقبل ، والمقصود النهي عن الأمرين ، لأنهما ادعاء العلم بالغيب.