الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (١٩٤) وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٩٥))
لبلاغة :
(الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ) فيه ما يسمى بحذف الإيجاز ، تقديره : هتك حرمة الشهر الحرام تقابل بهتك حرمة الشهر الحرام.
(فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ) سمي جزاء العدوان عدوانا من قبيل «المشاكلة»: وهي الاتفاق في اللفظ ، مع الاختلاف في المعنى ، مثل قوله تعالى أيضا : (وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها) [الشورى ٤٢ / ٤٠] ، وقوله : (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ) [الأنفال ٨ / ٣٠] ، تقول العرب : ظلمني فلان فظلمته ، أي جازيته بظلمه. ومثل : (فَلا عُدْوانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ) [البقرة ٢ / ١٩٣] سمي ما يصنع بالظالمين عدوانا من حيث هو جزاء عدوان ، إذ الظلم يتضمن العدوان ، فسمي جزاء العدوان عدوانا.
المفردات اللغوية :
(وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ) أي لإعلاء دينه ، لأنه طريق إلى مرضاته ، فالقتال في سبيل الله : هو القتال لإعلاء كلمة الله ونصرة دينه. (يُقاتِلُونَكُمْ) أي يتوقع منهم قتالكم.
(وَلا تَعْتَدُوا) أي لا تبدءوهم بالقتال. (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) المتجاوزين ما حدّ لهم من الشرائع والأحكام. ومحبة الله لعباده : إرادة الخير والثواب لهم. (ثَقِفْتُمُوهُمْ) وجدتموهم وأدركتموهم. (مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ) أي من مكة ، وقد فعل بهم ذلك عام فتح مكة. (وَالْفِتْنَةُ) الشرك منهم أعظم من القتل لهم في الحرم أو الإحرام الذي استعظمتموه. وقيل : إن المراد بالفتنة : ما يقع من المشركين من صنوف الإيذاء والتعذيب. (عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) أي في الحرم. (كَذلِكَ) أي القتل والإخراج. (فَإِنِ انْتَهَوْا) عن الفكر وأسلموا. (وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ) أي ويكون دين كل شخص خالصا لله ، لا يخشى غيره ، ولا يصدّ عنه ، ولا يحتاج إلى محاباة أو استخفاء. والدين : يشمل الاعتقاد والعبادة والعمل الصالح.