(فَإِنِ انْتَهَوْا) عن الشرك. (فَلا عُدْوانَ) أي لا تتعدوا عليهم بقتل أو غيره. (إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ) أي المتجاوزين حدودهم المعتدين على غيرهم ، فمن انتهى عن الشرك والاعتداء فليس بظالم ، فلا عدوان عليه.
(الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ) ردّ على استعظام القتال في الأشهر الحرم ، إذ هتك حرمة الشهر الحرام من المسلمين مقابل هتك حرمة الشهر الحرام من الكفار.
(وَالْحُرُماتُ) جمع حرمة : وهي ما يجب احترامه. (قِصاصٌ) أي يقتص بمثلها إذا انتهكت. (فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ) بالقتال في الحرم أو الإحرام ، أو الشهر الحرام. (فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ ..) سمّى مقابلة الاعتداء اعتداء ، لشبهها بالمقابل به في الصورة. (وَاتَّقُوا اللهَ) في الانتصار ، وترك الاعتداء. (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) بالعون والنصر.
(وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ) أي في طاعته بالجهاد وغيره. (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ) أي أنفسكم. (إِلَى التَّهْلُكَةِ) الهلاك بالإمساك عن النفقة في الجهاد أو تركه ، لأنه يقوي العدو عليكم. (وَأَحْسِنُوا) بالنفقة وغيرها. (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) أي يثيبهم.
سبب النزول :
قوله تعالى : (وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ ..) الآية. قال ابن عباس فيما أخرجه الواحدي : نزلت هذه الآيات في صلح الحديبية ، وذلك أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم لما صدّ عن البيت هو وأصحابه ، نحر الهدي بالحديبية ، ثم صالحه المشركون على أن يرجع عامه ، ثم يأتي القابل ، على أن يخلوا له مكة ثلاثة أيام ، فيطوف بالبيت ويفعل ما شاء. وصالحهم رسول اللهصلىاللهعليهوسلم ، فلما كان العام المقبل ، تجهّز رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأصحابه لعمرة القضاء ، وخافوا أن لا تفي لهم قريش بذلك ، وأن يصدّوهم عن المسجد الحرام ويقاتلوهم ، وكره أصحابه قتالهم في الشهر الحرام في الحرم ، فأنزل الله : (وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ) يعني قريشا.
وقوله : (الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ) الآية ، قال قتادة فيما أخرجه الطبري : أقبل نبيّ الله صلىاللهعليهوسلم وأصحابه في ذي القعدة ، حتى إذا كانوا بالحديبية ، صدّهم المشركون ، فلما كان العام المقبل دخلوا مكة ، فاعتمروا في ذي القعدة ،