وأقاموا بها ثلاث ليال ، وكان المشركون قد فجروا عليه حين ردّوه يوم الحديبية ، فأقصّه الله تعالى منهم ، فأنزل : (الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ) الآية.
وقوله : (وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ ..) الآية ، قال الشعبي : نزلت في الأنصار ، أمسكوا عن النفقة في سبيل الله تعالى ، فنزلت هذه الآية. وأخرج الطبراني بسند صحيح عن أبي جبيرة بن الضحاك قال : كانت الأنصار يتصدقون ويطعمون ما شاء الله ، فأصابتهم سنة (قحط) ، فأمسكوا ، فأنزل الله عزوجل هذه الآية.
وروى البخاري عن حذيفة قال : نزلت الآية في النفقة. وأخرج أبو داود والترمذي وصححه ، وابن حبان والحاكم وغيرهم ، عن أبي أيوب الأنصاري قال : نزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار ، لما أعزّ الله الإسلام ، وكثر ناصروه ، قال بعضنا لبعض سرّا : إنّ أموالنا قد ضاعت ، وإنّ الله قد أعزّ الإسلام ، فلو أقمنا في أموالنا ، فأصلحنا ما ضاع منها ، فأنزل الله يردّ علينا ما قلنا : (وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ ، وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) ، فكانت التهلكة : الإقامة على أموالنا وإصلاحها وتركنا الغزو.
المناسبة :
وردت هذه الآيات في الإذن بالقتال للمحرمين في الأشهر الحرم ، إذا فوجئوا بالقتال بغيا وعدوانا ، فهي متصلة بما قبلها ، لأن الآية السابقة بيّنت أن الأهلّة مواقيت للناس في عباداتهم ومعاملاتهم وحجهم ، والحج يكون في أشهر هلالية مخصوصة ، كان القتال فيها محرما في الجاهلية ، فأوضحت هذه الآيات أنه لا حرج عليكم في القتال في هذه الأشهر ، دفاعا عن دينكم ، وتربية لمن يفتنكم عنه ، وينكث العهد ، لا لأهواء النفوس ، فالآية متصلة بما سبق من ذكر الحج وإتيان