وما عدا فدية الشعر من الدماء يكون بمكة. وأما الإطعام فهو بمكة ، وأما الصوم فحيث شاء.
٦ ـ فدية المتمتع : من أمن العدو والحصار وتمتع بسبب فراغه من المناسك والتحلل من الإحرام بالعمرة ، وبقي متمتعا إلى زمن الحج ، ليحرم من مكة به ، فعليه دم أي ذبح هدي (شاة) شكرا لله تعالى ، يذبحه يوم النحر بمنى ويأكل منه كالأضحية ، أو يذبحه في مكة في رأي الشافعي ، وهذا يحقق اليوم فائدة أكثر ، لإيصاله إلى الفقراء. والقارن بالحج والعمرة مثل المتمتع في وجوب الفدية ، لأن التمتع يشمل معنيين : استباحة التمتع بالنساء والتفرقة بترك محظورات الإحرام ، وجمع الحج مع العمرة في أشهر الحج بأعمال واحدة.
فمن لم يجد الهدي ، لعدم وجوده ، أو لم يجد المال الذي يشتري به ، فعليه صيام ثلاثة أيام بعد الإحرام بالحج قبل السادس من ذي الحجة قبل يوم التروية (١) ويوم عرفة ، وسبعة أيام إذا رجع إلى بلده ، أو شرع في الرجوع ، فله أن يصوم في الطريق.
هذه الأيام الثلاثة والسبعة الأيام عشرة كاملة ، لتأكيد المراد بالسبعة وهو العدد ، دون الكثرة في الآحاد ، ووصفت بالكمال للتنبيه إلى رعاية العدد فلا ينقص منها شيء ، وللإشارة إلى أن البدل قائم تماما مقام المبدل منه ، وهما في الفضيلة سواء.
ذلك التمتع بإنهاء أعمال العمرة ثم الإحرام بالحج ، وإيجاب الفدية ، تخفيف ورخصة للآفاقيين الذين حضروا من البلاد البعيدة ، دون أهل الحرم ، لأن الغريب يتحمل مشاق السفر أكثر من المقيم بمكة ، فالغرباء هم الذين يحتاجون إلى
__________________
(١) سمي يوم التروية : لأنهم كانوا يرتوون فيه من الماء لما بعد ، وهو اليوم الثامن الذي يسن الخروج فيه إلى منى.