نسك (١) وهو ذبح شاة ، والتخيير بين هذه الخصال مستفاد من (أو) التي تقتضي التخيير. وتجب الفدية المذكورة عند مالك وأبي حنيفة ، سواء فعل المخالفة عامدا أو ناسيا ، ولا تجب عند الشافعي وأحمد إن خالف ناسيا.
وتقدير الطعام : إما بستة صيعان لكل مسكين صاع (٢) ، كما في رواية ، وإما بثلاثة آصع لكل مسكين نصف صاع ، في رواية أخرى ، فجمع الجمهور بينهما ، بحمل رواية الستة الآصع على التمر ، والثلاثة الآصع على طعام القمح ، لأنه المعهود في سائر الصدقات. ودليل التقدير : ما أخرجه البخاري من حديث كعب بن عجرة ، قال : «وقف عليّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالحديبية ، ورأسي يتهافت قملا ، فقال : يؤذيك هوامّك؟ قلت : نعم ، قال : فاحلق رأسك» قال : فنزلت هذه الآية ، وذكرها ، فقال النّبي صلىاللهعليهوسلم : «صم ثلاثة أيام ، أو تصدق بفرق (٣) بين ستة ، أو انسك بما تيسر». قال مالك والشافعي ومحمد بن الحسن : لا يجزي أن يغدّي المساكين ويعشّيهم في كفارة الأذى حتى يعطي كل مسكين مدّين بمد النّبي صلىاللهعليهوسلم. وقال أبو يوسف : يجزيه أن يغديهم ويعشيهم.
وأما موضع الفدية : فقال الحنفية : ما كان من دم فبمكة ، وما كان من طعام أو صيام فحيث شاء. وقال مالك : يفعل ذلك أين شاء ، والذبح هنا نسك وليس بهدي ، والنسك يكون حيث شاء ، والهدي لا يكون إلا بمكة. وقال الشافعي : الإطعام والدم لا يكونان إلا بمكة ، والصوم حيث شاء ، لأن الصيام لا منفعة فيه لأهل الحرم. وقال أحمد : فدية الحلق في الموضع الذي حلق فيه ،
__________________
(١) النسك : جمع نسيكة ، وهي الذبيحة ينسكها العبد لله تعالى ، ويجمع أيضا على نسائك ، والنسك : العبادة في الأصل.
(٢) الصاع البغدادي : (٢٧٥١ غم)
(٣) الفرق : مكيال ستة عشر رطلا أي بغداديا ، والرطل البغدادي (٤٠٨ غم) والرطل المصري (٤٥٠ غم)