صيد البر والطيب والزينة ولبس المخيط ، وعن كل ما يؤدي إلى التنازع والتباغض والاختلاف ، كالجدال والمراء والخصام والتنابز بالألقاب ، لأن الشرع يريد من الحاج أن يتجرد عن كل مظاهر الدنيا ومغرياتها ومفاسدها ، ويتطهر من الذنوب والسيئات ، فيتحقق الغرض المنشود من الحج وهو تهذيب النفس وإشعارها بالعبودية لله الواحد الأحد ، جاء في الصحيحين عن أبي هريرة أنهصلىاللهعليهوسلم قال : «من حج ، ولم يرفث ، ولم يفسق ، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه» وقد جمعت الآية والحديث أصول الأخلاق الفاضلة ، ونهت عن كل ما يعكر صفوها ، فالآية خبر لفظا ، نهي معنى ، ويراد من الرفث الوقاع ومقدماته وقول الفحش ، والفسوق : (وهو الخروج عن طاعة الله إلى المعصية) جميع أنواع المعاصي ، والجدال جميع أنواع الخصام.
(وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ) أي لا ترفثوا ولا تفسقوا ولا تجادلوا لتصفو نفوسكم ، وتتخلى عن الرذائل ، وتتحلى بالفضائل ، لأن الله يعلم ما تفعلون ، فيجازيكم على كل خير تقدمونه لأنفسكم ، فالآية شرط وجوابه ، والمعنى : أن الله يجازيكم على أعمالكم ، لأن المجازاة إنما تقع من العالم بالشيء.
وتزودوا بالأعمال الصالحة التي تنفعكم ، واتخذوا التقوى زادا لمعادكم ، فإن خير الزاد اتقاء المنهيات ، وأخلصوا لي يا أهل العقول أعمالكم ، بأداء ما أوجبته عليكم من الفرائض ، واجتناب ما حرمته عليكم ، فإن فعلتم ذلك نجوتم من العقاب ، وأدركتم الفوز بالرضا والرحمة الإلهية.
وخص أولي الألباب بالخطاب ـ وإن كان الأمر يعم الكل ـ لأنهم الذين قامت عليهم حجة الله ، وهم قابلو أوامره والناهضون بها.
١٠ ـ حكمة محرمات الإحرام : السر في محرمات الإحرام : هو أن يتمثل الحاج أنه بزيارته لبيت الله تعالى مقبل على الله تعالى قاصد له ، فيتجرد من عاداته