وأرشدت آية (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ) إلى أن مصير المخالفين أو العصاة هو الهلاك والعذاب ، وهو أمر محتم نافذ لا مردّ له ، وهذه النتيجة يقدرها كل عاقل ، وهي التي قررها القرآن ، فذكر تعالى : هل ينظرون إلا أن يظهر الله تعالى فعلا من الأفعال مع خلق من خلقه ، يقصد إلى مجازاتهم ويقضي في أمرهم ما هو قاض. وكما أنه سبحانه أحدث فعلا سماه نزولا واستواء ، كذلك يحدث فعلا يسميه إتيانا ، وأفعاله بلا آلة ولا علة ، سبحانه!
وما أكثر الأدلة التي ترشد الناس إلى اتباع الحق والإسلام ، لذا سئل بنو إسرائيل سؤال تقريع وتوبيخ : كم جاءهم من الآيات التي أيد الله بها موسى عليهالسلام من فلق البحر والظّلل من الغمام والعصا واليد وغير ذلك؟ كما قال مجاهد والحسن البصري وغيرهما ، وقال غيرهم : كم جاءهم في أمر محمد عليه الصلاة والسلام من آية معرّفة عليه دالة عليه؟ ولا مانع من الجمع بين التفسيرين ، كما فعلت. فإن بدلوا ما في كتبهم وجحدوا أمر محمدصلىاللهعليهوسلم ، ومثلهم كل مبدّل نعمة الله ، فلهم العقاب الشديد.
وأما الماديون الكفار الذين فتنوا بالدنيا ، وهم رؤساء قريش وأمثالهم ، وصنفوا الناس على حسب الغنى والترف ، وسخروا من المؤمنين الفقراء ، وأقبلوا على الدنيا ، وكانت موازينهم مادية محضة ، وأعرضوا عن الآخرة بسبب الدنيا ، فإنهم قصيرو النظر ، لأن الله جعل ما على الأرض زينة لها ، ليبلوا الخلق أيهم أحسن عملا ، ولأنهم لا يعتقدون غير الدنيا ، وأما المؤمنون الذين هم على سنن الشرع ، فلم تفتنهم زينة الدنيا ، وسيكونون أرفع درجة من الكفار ، لأنهم في الجنة ، والكفار في النار ، وسيلقون جزاء سخريتهم بالمؤمنين ، كما قال الله تعالى : (فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ ، عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ ، هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ ما كانُوا يَفْعَلُونَ) [المطففين ٨٣ / ٣٤ ـ ٣٦].