وعروض ، واشترط للآخرة السعي مع الإيمان ، كما خصّها هنا بالذين اتقوا من المؤمنين(١).
والرزق بلا حساب في الدنيا يكون بالنسبة إلى الأفراد ، فإنا نرى كثيرا من الأبرار ، وكثيرا من الفجار أغنياء أو فقراء ، لكن المتقي يكون دائما أحسن حالا وأكثر احتمالا ، فلا يؤلمه الفقر ، كما يؤلم الفاجر ، إذ هو بالتقوى يجد المخلّص من كل ضيق ، ويرى من عناية الله به رزقا غير محتسب.
أما الأمم فأمرها على خلاف ذلك ، وسنته فيها أن يرزقها بعملها ، ويسلبها بزللها ، إذ ليس من سنن الله أن يرزق الأمة العزة والثروة والقوة والسلطة من حيث لا تحتسب ولا تقدر ، ولا تعمل ولا تتدبر (٢).
فقه الحياة أو الأحكام :
الإسلام كلّ لا يتجزأ ، فمن آمن به وجب عليه الأخذ به كله ، فلا يختار منه ما يرضيه ، ويترك ما لا يرضيه ، أو يجمع بينه وبين غيره من الأديان ، لأن الله تعالى أمر باتباع جميع تعاليمه وتطبيق كل فرائضه ، واحترام مجموع نظامه ، بالحل أو الإباحة ، وبالحظر أو الحرمة ، فهو دليل الإيمان الحق به ، فضلا عن القول بأن شرائعه نسخت كل الشرائع السماوية السابقة حال تعارضها معه. واختيار غير هذا المنهاج أو الخطة يكون اتباعا لخطوات الشيطان ووساوسه وأباطيله.
وقد دلت آية (فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْكُمُ الْبَيِّناتُ) على أن عقوبة العالم بالذنب أعظم من عقوبة الجاهل به ، ومن لم تبلغه دعوة الإسلام لا يكون كافرا بترك الشرائع.
__________________
(١) تفسير المنار : ٢ / ٢١٩
(٢) تفسير المنار ، المرجع والمكان السابق.