بدعوة الأنبياء قد يتعرض للمحنة والشدة والبلاء ، فعليه بالصبر حتى يأذن الله بالفرج أو النصر ، وإن إصرار هؤلاء على كفرهم هو بسبب حب الدنيا.
التفسير والبيان :
كان الناس (أي بنو آدم) في وضع يحتاجون فيه إلى الهداية الإلهية ، فأنعم الله عليهم بإرسال الرسل مبشرين ومنذرين يخرجونهم من الظلمات إلى النور ، لئلا يكون للناس على الله حجة بعد إرسال الرسل ، وأنزل مع بعضهم كتابا يرشدهم إلى الحق.
وما ذلك الوضع الذي كانت عليه البشرية قبل الرسل والأنبياء؟
قال الجمهور : كانت أمة هداية على ملة واحدة ، ودين قويم واحد ، وعقيدة واحدة وتشريع واحد وهو دين الإسلام ، فاختلفوا فيما بينهم ، فأرسل الله النبيين مبشرين ومنذرين. روى أبو داود عن ابن عباس قال : «كان بين نوح وآدم عشرة قرون ، كلهم على شريعة من الحق ، فاختلفوا ، فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين» قال : وكذلك هي في قراءة عبد الله بن مسعود : «كان الناس أمة واحدة فاختلفوا». واستدلوا أيضا على صحة قولهم : بأن آدم عليهالسلام كان نبيا ، وكان أولاده على ملته هادين مهتدين إلى أن وقع التحاسد بين ولديه ، وكان من قتل أحدهما للآخر ما هو معروف.
وذهبت طائفة أخرى (ابن عباس وعطاء والحسن البصري) : إلى أن الأمة أمة الضلال التي لا تهتدي بحق ، ولا تقف في أعمالها عند حد شريعة ، ودليلهم : ما اقتضاه وضعهم من إرسال الرسل ، لتظهر مهمتهم بنحو معقول ، وليحكموا بينهم في الاختلافات الناشئة عن فساد العقيدة ، واتباع الأهواء الضالة في الأعمال ، وإلا لم يكن هناك معنى أو حاجة للرسل.