أَنْ يَقُولُوا : آمَنَّا ، وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ. وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ، فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا ، وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ) [العنكبوت ٢٩ / ١ ـ ٣]. وقال سبحانه : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ ، وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ ، وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ) [آل عمران ٣ / ١٤٢].
بل ولم يصل المسلمون في الماضي أو الحاضر إلى ما تعرض له الرسل السابقون ، فقد قتل بعضهم ، ونشر بعضهم بالمنشار وهو حيّ (١) ، وأحرق بعض المؤمنين بالنار ، كما فعل بأصحاب الأخدود باليمن بإخبار الله : (قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ. النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ. إِذْ هُمْ عَلَيْها قُعُودٌ. وَهُمْ عَلى ما يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ. وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) [البروج ٨٥ / ٤ ـ ٨].
فقه الحياة أو الأحكام :
إن الحاجة إلى الرسل والأنبياء والكتب السماوية قائمة ومؤكدة في كل زمان ومكان ، لأنهم يرشدون الناس إلى الدين الحق ، والاعتقاد الصحيح ، ويبينون للناس طريق الحياة الصحيحة ، ومنهج السعادة في الدنيا والآخرة ، ويضعون الحدود الواضحة بين الحق والباطل ، ويفصلون بالعدل في منازعات الناس.
ولا تصلح الفطرة أو الطبيعة بمجردها سبيلا للهداية والرشد ، لأنها مجهولة وغائمة وغير منضبطة ، كما لا تصلح العقول البشرية لتسيير شؤون الحياة ، فهي متفاوتة ، مضطربة أحيانا ، عاجزة وقاصرة عن إدراك الحقائق ، وإذا أدركت
__________________
(١) روى البخاري عن خباب بن الأرت رضياللهعنه قال : «شكونا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو متوسد بردة له في ظلّ الكعبة ، فقلنا : ألا تستنصر لنا؟ ألا تدعو لنا؟ فقال : قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل ، فيحفر له في الأرض فيجعل فيها ، فيجاء بالمنشار ، فيوضع على رأسه ، فيجعل نصفين ، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه ، ما يصده ذلك عن دينه ، والله ليتمنّ الله هذا الأمر ، حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت ، لا يخاف إلا الله ، والذئب على غنمه ، ولكنكم تستعجلون».