(قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ) [التوبة ٩ / ٢٩].
وقال المحققون : نسخها قوله تعالى : (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) [التوبة ٩ / ٥] يعني أشهر التسيير في آية (فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ) [التوبة ٩ / ٢] فلم يبق لهم حرمة إلا لزمان التسيير.
ويؤيدهم أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم غزا هوازن بحنين ، وثقيفا بالطائف ، وأرسل أبا عامر إلى أوطاس (١) لمحاربة المشركين ، وكان ذلك في الشهر الحرام.
قال ابن العربي : والصحيح أن هذه الآية رد على المشركين حين أعظموا على النّبيصلىاللهعليهوسلم القتال في الشهر الحرام ، فقال تعالى : (وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ ، وَكُفْرٌ بِهِ ، وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ ، وَإِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللهِ) والفتنة ـ وهي الكفر ـ في الشهر الحرام أشد من القتل ، فإذا فعلتم ذلك كلّه في الشهر الحرام ، تعيّن قتالكم فيه (٢).
والأشهر الحرم : هي رجب ، وذو القعدة وذو الحجّة والمحرم ، ثلاثة سرد ، وواحد فرد(٣).
وإن انتهاك حرمات المسلمين بفتنتهم عن دينهم وتعذيبهم وطردهم من ديارهم ، وهي جرائم مادية محسوسة ، أشد جرما من انتهاك حرمة الشهر الحرام ، وهي مسألة معنوية.
ودلت آية (وَلا يَزالُونَ) على تحذير المؤمنين من شر الكفرة ، بنحو دائم.
__________________
(١) هو أبو عامر الأشعري ، ابن عم أبي موسى الأشعري. وأوطاس : واد في ديار هوازن ، وفيه كانت وقعة حنين.
(٢) أحكام القرآن : ١ / ١٤٧
(٣) سرد أي تتابع ، وهي ما عدا رجب ، ورجب فرد مستقل ، لأنه يفصل بينه وبين ذي القعدة ثلاثة أشهر ، وهي شعبان ورمضان وشوال.