سبيل الله ، أتوا النّبي صلىاللهعليهوسلم فقالوا : إنا لا ندري ما هذه النفقة التي أمرنا في أموالنا ، فما ننفق منها؟ فأنزل الله : (وَيَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ؟ قُلِ : الْعَفْوَ) والسائل هم المؤمنون ، وهو الظاهر من واو الجماعة ، وقيل : السائل : عمرو بن الجموح. والنفقة هنا : قيل : في الجهاد ، وقيل : في الصدقات أي التطوع في رأي الجمهور ، وقيل : في الواجب أي الزكاة المفروضة(١).
المناسبة :
أبان الله تعالى في الآيات السابقة أحكام القتال ، وذلك أمر له صلة بالعلاقات الخارجية ، ثم انتقل إلى إصلاح الأوضاع الداخلية ، على أساس من الفضيلة والكرامة والتضامن الاجتماعي وطهر الاعتقاد وطهر الجسد ، ولا بد لكل نهضة أو رسالة من الإصلاح الخارجي والداخلي ، لتتمكن من تحقيق المسيرة الظافرة والأمجاد السامقة ، وبناء الأمة (أو الجماعة) والفرد على أسس متينة ودعائم وطيدة الأركان.
وكانت هذه الآية كسابقتها وتاليها إجابة عن أسئلة الصحابة ، قال ابن عباس : ما رأيت قوما خيرا من أصحاب محمد صلىاللهعليهوسلم ، ما سألوه إلا عن ثلاث عشرة مسألة ، كلهن في القرآن : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ) [البقرة ٢ / ٢٢٢] ، (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ) [البقرة ٢ / ٢١٧] ، (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى) [البقرة ٢ / ٢٢٠] ، ما كانوا يسألون إلا عما ينفعهم (٢).
التفسير والبيان :
يسألك أصحابك يا محمد عن حكم تناول الخمر ، ولعب الميسر ، أحلال هما أم حرام؟ ومثل شرب الخمر : بيعها وشراؤها وكل الوسائل التي تساعد أو تؤدي إلى
__________________
(١) البحر المحيط : ٢ / ١٥٨
(٢) تفسير القرطبي : ٣ / ٤٠