حَسَناً) [النحل ١٦ / ٦٧] فكان المسلمون يشربونها وهي لهم حلال.
والثانية ـ (قُلْ : فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ) [البقرة ٢ / ٢١٩] ، التي نزلت كما بينا باستفتاء عمر ومعاذ ونفر من الصحابة ، فشربها قوم ، وتركها آخرون.
والثالثة ـ (لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى) [النساء ٤ / ٤٣] نزلت بعد أن دعا عبد الرحمن بن عوف ناسا من الصحابة ، فشربوا وسكروا ، فأمّ بعضهم ، فقرأ : (قُلْ : يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ) «أعبد ما تعبدون» فنزلت ، فقلّ بعدها من يشربها ، وامتنعوا عن شربها نهارا ، لأن أوقات الصلاة متقاربة ، وشربوها ليلا.
والرابعة ـ (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ) التي نزلت بعد أن دعا عتبان بن مالك قوما فيهم سعد بن أبي وقاص ، فلما سكروا افتخروا وتناشدوا ، حتى أنشد سعد شعرا فيه هجاء الأنصار ، فضربه أنصاري بلحى بعير ، فشجه شجّة موضحة ، فشكا إلى رسول اللهصلىاللهعليهوسلم ، فقال عمر : «اللهم بيّن لنا في الخمر بيانا شافيا ، فنزلت : (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ) إلى قوله (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) [المائدة ٥ / ٩٠ ـ ٩١] فقال عمر : انتهينا يا رب(١).
قال القفّال : والحكمة في وقوع التحريم على هذا الترتيب : أن الله تعالى علم أن القوم كانوا قد ألفوا شرب الخمر ، وكان انتفاعهم بها كثيرا ، فعلم الله أنه لو منعهم دفعة واحدة لشق عليهم ، فلا جرم استعمل في التحريم هذا التدريج وهذا الرفق.
وأما سبب نزول قوله تعالى : (وَيَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ) : فهو ما أخرجه ابن أبي حاتم عن ابن عباس : أن نفرا من الصحابة حين أمروا بالنفقة في
__________________
(١) تفسير الكشاف : ١ / ٢٧٢