الناس بالباطل ، أي بغير عوض حقيقي من عين أو منفعة ، وهذا محرم بنص القرآن.
والادعاء بأن في ميدان اليانصيب قد سمح المشتركون للرابح بأموالهم وخرجوا له عن طيب أنفسهم : غير صحيح ، لأن التراضي لا وجود له في الحقيقة ، وكل من يدفع ثمن بطاقة يحلم بالربح ، وهو في حال الخسران يحقد على الرابحين. والرضا المعتبر هو في العقود والمعاملات بشرط خلوة من العيوب ، وبخاصة الإكراه في أي صورة ، سواء أكان ماديا أم معنويا. والرضا في اليانصيب رضا قسري ، كالرضا الحاصل في الربا والرشوة ، والرضا شرعا لا يعتبر إلا إذا كان في حدود الشرع.
ويمكن تحقيق المقصد الخيري لليانصيب من أجل الصالح العام بطريق فرض ضرائب على أموال الأغنياء ، وتؤخذ بدون مقابل ، لسد حاجة البلاد ، وفقا لقاعدة : «يتحمل الضرر الخاص لدفع الضرر العام» أو يستدين الحاكم من الأغنياء إذا كان هناك احتمال امتلاء الخزينة.
وإن وجود بعض المنافع التجارية أو اللذة والطرب في الخمر ، أو مواساة الفقراء في الميسر أو سرور الرابح وصيرورته غنيا بدون تعب ، لا يمنع تحريمهما ، لأن المعول عليه في التحريم أو الحظر غلبة المضار على المنافع ، والإثم أكبر من النفع في الدنيا نفسها ، وأعود بالضرر في الآخرة ، فالإثم بعد التحريم ، والمنافع قبل التحريم.
وأما نفقة التطوع : فهي الزائدة عن الحاجة وهي العفو ، وقد كان السؤال في هذه الآية عن قدر الإنفاق ، أما السؤال في الآية المتقدمة التي نزلت في شأن عمرو بن الجموح فكان عن الجهة التي تصرف إليها : «قل : ما أنفقتم من خير فللوالدين ..».