فحرام ، وليس له حق الرجعة ، لقوله تعالى : (وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً لِتَعْتَدُوا) [البقرة ٢ / ٢٣١] لكن لو فعل ذلك فالرجعة صحيحة ، وإن خالف وظلم نفسه ، إذ لما كانت هذه الإرادة لا اطلاع لنا عليها ، عاملناه بظاهر أمره ، وجعل الله التطليقات الثلاث علما على امتناعها. ودل لفظ «أحق» على أن حق الزوج في مدة التربص أحق من حقها بنفسها ، فإنها إنما تملك نفسها بعد انقضاء العدة ، مثل قوله عليه الصلاة والسلام : «الثيب أحق بنفسها من وليها» (١).
وحق الرجعة بغير عقد ولا شهود مقصور على المطلقة رجعيا في أثناء العدة لا بعد انقضائها ، ولم يشترط الإشهاد إلا الظاهرية ، وإنما هو مستحب أو مندوب عند العلماء الآخرين. فإن لم يراجعها المطلّق حتى انقضت عدتها ، فهي أحق بنفسها وتصير أجنبية منه ، لا تحل له إلا بخطبة وزواج مستأنف بولي وإشهاد ، ليس على سنة المراجعة ، بإجماع العلماء.
واختلفوا فيما يكون به الرجل مراجعا في العدة :
فقال الشافعية : تحصل الرجعة في العدة بالقول الصريح ، أو بلفظ كنائي بنية مثل قول المرتجع : تزوجتك أو نكحتك ، ولا تحصل بالوطء.
وقال الجمهور : تحصل الرجعة في العدة بالقول ، أو بالفعل ومنه الخلوة كتقبيل بشهوة ووطء ، وأضاف المالكية : وتحصل أيضا بالنية : وهي حديث النفس ، بأن يقول في نفسه : راجعتها ، ولم يجز الحنابلة الرجعة بالكناية.
واختلفوا أيضا في حكم المطلقة الرجعية في مدة التربص : أحكمها حكم الزوجة أم ليست كذلك؟فذهب الحنفية ، والحنابلة في ظاهر المذهب : إلى أن حكمها حكم الزوجة ،
__________________
(١) أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي عن ابن عباس.