فقه الحياة أو الأحكام :
دلت الآية على أن المطلقات اللاتي لهن أولاد من أزواجهن أحق برضاع أولادهن من الأجنبيات ، لأنهن أحنى وأرقّ ، وانتزاع الولد الصغير من والدته إضرار به وبها. وهذا يدل على أن الولد ، وإن فطم ، فالأم أحق بحضانته لفضل حنوها وشفقتها ، ما لم تتزوج بزوج آخر باتفاق العلماء لقولهصلىاللهعليهوآلهوسلم لامرأة ـ فيما رواه أبو داود عن عبد الله بن عمرو ـ : «أنت أحق به ما لم تنكحي».
وإذا كانت المطلقة أولى بالرضاع والحضانة فإن الزوجات حال الزوجية أولى بهما أيضا ، بل إن الزوجة تستحق النفقة والكسوة ، أرضعت أو لم ترضع ، في مقابلة التمكين من الاستمتاع. وأما إيجاب النفقة في حال الرضاع بعد الطلاق فبسبب اشتغال المرأة في مصالح الزوج ، لذا قال الله تعالى : (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ) أي الزوج (رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَ) دفعا لتوهم سقوط النفقة إذا اشتغلت المرأة بالإرضاع ولم يحدث التمكين.
ودل قوله تعالى : (لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ) على أن إرضاع الحولين ليس حتما ، فإنه يجوز الفطام قبل الحولين ، ولكن التحديد بالحولين لقطع التنازع بين الزوجين في مدة الرضاع ، فلا يجب على الزوج إعطاء الأجرة لأكثر من حولين. وإن أراد الأب الفطم قبل الحولين ، ولم ترض الأم ، لم يكن له ذلك. والزيادة على الحولين أو النقصان إنما يكون عند عدم الإضرار بالمولود ، وعند رضا الوالدين.
وقد أخذ مالك في موطئه والشافعي وأحمد من آية : (يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ) أن مدة الرضاع المحرّم أي التي يحرّم الرضاع فيها المصاهرة كما يحرّم بالنسب : هي حولان فقط ، فإذا لم يقع الرضاع فيهما لا يحرم.