حديث الموطأ عن أم سلمة أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «اجعليه بالليل وامسحيه بالنهار».
وقال بعضهم : إنما عدة المتوفى عنها زوجها أن تتربص بنفسها عن الأزواج خاصة ، فأما عن الطيب والزينة والنقلة من المنزل ، فلم تنه عن ذلك. واحتجوا بما روي عن أسماء بنت عميس قالت : «لما أصيب جعفر ، قال لي رسول الله صلىاللهعليهوسلم : تسلّبي (١) ثلاثا ، ثم اصنعي ما شئت» ويرد عليهم بأنه يحتمل أن يكون أمرها بالتسلب ثلاثا ، ثم لبس ما شاءت من الثياب التي يجوز للمعتدة لبسها ، مما لم يكن زينة ، ولا تطيبا ، لأنه قد يكون من الثياب ما ليس بزينة ، ولا ثياب تسلب.
وتقدير المدة بأربعة أشهر وعشر أمر تعبدي ، لا يبحث عن حكمته ، فهو كأعداد الركعات ومقادير الزكوات.
والحكمة في هذه العدة : استبراء الرحم من ماء الزوج المتوفى ، فيمنع نكاح المعتدة حتى تمضي مدة تتبين فيها : أهي حامل ، فيلحق ولدها بالزوج المتوفى؟ أم حائل (غير حامل) فإذا تزوجت وولدت لحق الولد بالزوج الثاني. ومنعت الطيب والزينة ، لأنهما من دواعي الزواج ، وذريعة إليه. ومنعت الخروج من البيت الذي كانت تسكنه لأن هذه الرقابة أدعى إلى الصيانة. ومنع عقد الزواج عليها وخطبتها صراحة في العدة ، لأن ذلك ذريعة ، ورخص في التعريض بالخطبة لمعتدة الوفاة.
أما في الجاهلية فكانت المرأة تحد على زوجها سنة كاملة لا تمس طيبا ولا زينة ، ولا تبدو للناس في مجتمعهم.
__________________
(١) تسلّبي : البسي ثياب الحداد السواد ، وهي السّلاب على وزن كتاب.