والإحداد : ترك المرأة الزينة كلها من اللباس والطيّب والحليّ والكحل والخضاب بالحنّاء ما دامت في عدتها ، لأن الزينة داعية إلى الأزواج. فنهيت عنها سدا للذرائع ، وحماية لحرمات الله تعالى أن تنتهك.
والحداد على القريب ثلاثة أيام فقط ، وعلى الزوج أربعة أشهر وعشر ، وهو مقصور على ترك الزينة والطيب وعدم الخروج من المنزل إلا لضرورة أو عذر (١) ، روى البخاري ومسلم عن أم عطية أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «لا تحدّ امرأة على ميّت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا ، ولا تلبس ثوبا مصبوغا إلا ثوب عصب (٢) ، ولا تكتحل ، ولا تمسّ طيبا إلا إذا طهرت نبذة من قسط أو أظفار» (٣) وفي حديث أم حبيبة : «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تحدّ على ميّت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا» الحديث ، وهو يدل على تحريم إحداد المسلمات على غير أزواجهن فوق ثلاث ، خلافا للأعراف الفاسدة السائدة اليوم.
وأجاز الحنفية والمالكية (٤) للمتوفى عنها زوجها لا المطلقة أن تخرج من منزل العدة نهارا في حوائجها الضرورية ، لاكتساب ما تنفقه ، لأنه لا نفقة لها من الزوج المتوفى ، بل نفقتها عليها ، فتحتاج إلى الخروج لتحصيل النفقة ، ثم تعود فتبيت في ذلك المنزل ، ولا تخرج بالليل ، لعدم الحاجة إلى الخروج ليلا ، كما لا تخرج لزيارة ولا تجارة ولا تهنئة ولا تعزية.
__________________
(١) قال المالكية : ولا تدخل حماما ولا تكتحل إلا لضرورة ، وتمسح الكحل نهارا (الشرح الصغير : ٢ / ٦٨٦)
(٢) العصب : من برود اليمن ، وهو الذي يصبغ غزل السدي فيه دون اللحمة ، ثم ينسج مصبوغا فيخرج موشيا ، لبقاء بعض ما عصب منه أبيض ولم ينصبغ.
(٣) النّبذة : الشيء اليسير ، والقسط والأظفار : نوعان من البخور ، ونبذة : منصوب على الاستثناء.
(٤) البدائع : ٣ / ٢٠٤ ـ ٢٢٠ ، الشرح الصغير : ٢ / ٦٨٩ ، تفسير القرطبي : ٣ / ١٧٩