(وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتابُ أَجَلَهُ) وهذا من المحكم المجمع على تأويله : أن بلوغ أجله : انقضاء العدة ، مراعاة لحقوق الزوجية والتعرف على براءة الرحم من الحمل لئلا تختلط الأنساب.
٣ ـ استدل الشافعية بهذه الآية على أن التعريض بالقذف لا يوجب الحد ، وقالوا : لما رفع الله تعالى الحرج في التعريض في النكاح ، دل على أن التعريض بالقذف لا يوجب الحد ، لأن الله سبحانه لم يجعل التعريض في النكاح قائما مقام التصريح. ورد عليهم بأن الله سبحانه وتعالى لم يأذن في التصريح بالنكاح في الخطبة ، وأذن في التعريض الذي يفهم منه النكاح ، فهذا دليل على أن التعريض يفهم منه القذف ، والأعراض يجب صيانتها ، وذلك يوجب حد المعرّض ، لئلا يتطرق الفسقة إلى أخذ الأعراض بالتعريض الذي يفهم منه ما يفهم بالتصريح ، ويلزم على قول الشافعية : أن التعريض بالقذف جائز مباح ، كما أبيح التعريض بالخطبة بالنكاح (١).
٤ ـ اختلف العلماء في الرجل يخطب امرأة في عدتها جاهلا ، أو يواعدها ويعقد بعد العدة : فقال مالك في رواية أشهب وابن القاسم : إنه يفرّق بينهما إيجابا. وقال الشافعي : إن صرّح بالخطبة وصرحت له بالإجابة ولم يعقد النكاح ، حتى تنقضي العدة ، فالنكاح ثابت ، والتصريح لهما مكروه ، لأن النكاح حادث بعد الخطبة.
٥ ـ إذا عقد على المعتدة في العدة ، وبنى بها ، فسخ الحاكم النكاح ، لنهي الله عنه ، وتأبد تحريمها عليه ، فلا يحل نكاحها أبدا عند مالك والشعبي ، وبه قضى عمر رضياللهعنه قائلا : «ثم لا يجتمعان أبدا» ، لأنه استحل ما لا يحل ، فعوقب بحرمانه ، كالقاتل يعاقب بحرمانه ميراث من قتله.
__________________
(١) تفسير القرطبي : ٣ / ١٩٠ ، أحكام القرآن للجصاص الرازي : ١ / ٤٢٢