وقال الجمهور : يفسخ النكاح ، فإذا انتهت عدتها ، كان خاطبا من الخطاب ، ولم يتأبد التحريم ، لأن الأصل أنها لا تحرم إلا أن يقوم دليل على الحرمة : من كتاب أو سنة أو إجماع ، وليس في المسألة شيء من هذا ، ورأي الصحابي ليس حجة ، وأنكر علي هذا القضاء من عمر ، وقال المحدثون : هذا الأثر عن عمر منقطع ، وقد روي عن مسروق : أن عمر رجع عن ذلك ، وجعل لها مهرها ، وجعلهما يجتمعان ، ولذا جعل القرطبي رأي عمر مع الجمهور الذين احتجوا بإجماع العلماء على أنه لو زنى بها ، لم يحرم عليه تزوجها ، فكذلك وطؤه إياها في العدة. وهو قول علي وابن مسعود والحسن البصري.
٦ ـ لا خلاف بين الفقهاء أن من عقد على امرأة زواجا ، وهي في العدة من غيره أن النكاح فاسد ، واتفق عمر وعلي أن النكاح الفاسد لا يوجب الحد ، وذلك أمر متفق عليه مع الجهل بالتحريم ، ومختلف فيه مع العلم بالتحريم.
واختلفوا هل تعتد منهما جميعا؟ وهذه مسألة العدتين.
قال مالك في رواية المدنيين عنه والشافعي وأحمد والليث وإسحاق : إنها تتم بقية عدتها من الأول ، وتستأنف عدة أخرى من الآخر ، وهو رأي عمر وعلي رضياللهعنهما ، أي فعليها عدتان.
وقال أبو حنيفة والثوري والأوزاعي : إن عدتها من الثاني تكفيها من يوم فرّق بينه وبينها ، سواء كانت بالحمل أو بالأقراء أو بالشهور. وحجتهم الإجماع على أن الأول لا ينكحها في بقية العدة منه ، فدل على أنها في عدّة من الثاني ، ولو لا ذلك لنكحها في عدتها منه.
أجاب الأولون فقالوا : هذا غير لازم ، لأن منع الأول من أن ينكحها في بقية عدتها إنما وجب لما يتلوها من عدة الثاني ، وهما حقان قد وجبا عليها لزوجين ، كسائر حقوق الآدميين ، لا يدخل أحدهما في صاحبه.