فقال لهم نبيهم : إن الله قد اختاره ملكا عليكم ، والله لا يختار إلا ما فيه الخير لكم ، وما عليكم إلا الطاعة والامتثال ، ومقومات الملك متوافرة فيه وهي ما يأتي :
الاستعداد الفطري ، وسعة العلم والمعرفة بتدبير الأمور ، وبسطة الجسم وكمال قواه المستلزمة لصحة الفكر والهيبة وفرض النفوذ ، وتوفيق الله تعالى له بسبب أهليته وصلاحه ، وهذا هو المراد بقوله : (وَاللهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ) أي الملك له غير منازع فيه ، فهو يؤتيه من يشاء ومن يصلح للملك ، فلا اعتراض على حكم الله ، وهو أعلم بخلقه وبالصالح منكم ، وبما يستحقونه ، والله واسع عليم ، أي واسع التصرف والقدرة ، لأحد لسعة قدرته وتصرفه ، وواسع الفضل والعطاء يوسع على من يشاء ويغنيه بعد فقر ، عليم بما يحقق الحكمة والمصلحة ، وبما يؤدي إلى الفوز والنصر ، وبمن يصطفيه للملك.
فقه الحياة أو الأحكام :
هذه قصة أخرى للتحريض على القتال ، جرت في بني إسرائيل ، يستفاد منها ما يأتي :
١ ـ الجهاد في سبيل الله يتطلب إعدادا نفسيا وتربويا وعلميا ، وخبرة وكفاءة ومهارة ، وجرأة وشجاعة ، وعزيمة صادقة وإخلاصا ، وتضحية وتفانيا في سبيل المبدأ والعزة والكرامة ، فهو لا يكون بالأماني والتعللات ، وإنما بالبطولة ومضاء العزيمة وقوة الإرادة.
ولم يكن لدى بني إسرائيل شيء من هذه المقومات لسببين جوهريين : هما خبث النفوس وعدم طهارتها وصدقها ، وضعف الإيمان وحب الحياة بدون تضحيات وعناء ، لذا تولوا وأعرضوا عن المشاركة في القتال ، لفقد مقوماته السابقة.