الذي يملأ الكف بالاغتراف ، وكان المسموح به هو غرفة واحدة لا زيادة عليها. (وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ) وهم أصحاب الغرفة الذين اقتصروا عليها ، وكانوا ثلثمائة وبضعة عشر رجلا (لا طاقَةَ) قوة (بِجالُوتَ وَجُنُودِهِ) أي لا طاقة بقتالهم وقد جبنوا ولم يجاوزه الذين شربوا من النهر ، وجالوت : أشهر أبطال الفلسطينيين أعدائهم. (كَمْ مِنْ فِئَةٍ) كم : خبرية بمعنى كثير ، والفئة : الجماعة من الناس ، سواء كانوا قليلين أو كثيرين (وَلَمَّا بَرَزُوا) ظهروا لقتالهم وتصافوا (أَفْرِغْ) أصبب (وَثَبِّتْ أَقْدامَنا) قونا على الجهاد ولا تزلزلنا عند المقاومة.
(فَهَزَمُوهُمْ) كسروهم (بِإِذْنِ اللهِ) بإرادته (وَقَتَلَ داوُدُ) وكان في عسكر طالوت ، وهو داود بن يسّى ، وكان راعي غنم ، وله سبعة إخوة هو أصغرهم.
(وَآتاهُ) أي داود (الْمُلْكَ) في بني إسرائيل (وَالْحِكْمَةَ) النبوة بعد موت شموئيل (صموئيل) وطالوت ، ولم يجتمع الملك والنبوة لأحد قبل داود ، وعليه نزل الزبور ، كما قال تعالى : (وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً) [النساء ٤ / ١٦٣]. (وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشاءُ) [البقرة ٢ / ٢٥١] كصنعة الدروع ، كما قال تعالى : (وَعَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ ، لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ) [الأنبياء ٢١ / ٨٠] ومعرفة منطق الطير ، كما قال تعالى : (عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ) [النمل ٢٧ / ١٦] وفصل الخصومات ، لقوله تعالى : (وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطابِ) [ص ٣٨ / ٢٠].
(لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ) بغلبة المشركين ، وقتل المسلمين ، وتخريب المساجد.
(وَلكِنَّ اللهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعالَمِينَ) فدفع بعضهم ببعض (تِلْكَ) هذه الآيات (نَتْلُوها) نقصها (عَلَيْكَ) يا محمد (بِالْحَقِ) بالصدق (وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) أكد الكلام بإن واللام ردا لقول الكفار : لست مرسلا.
التفسير والبيان :
كان لبني إسرائيل مواقف تشدد وغلو ومطالب مادية مع أنبيائهم ، ومنها هذا الموقف ، إذ لم يقبلوا باختيار طالوت ملكا عليهم واشتدوا في عنادهم ، فقال لهم نبيهم : هناك دليل مادي على صحة اختياره ملكا وقائدا لكم ، وعلامة ذلك عودة التابوت (وكان له شأن ديني عندهم) إليكم عن طريقه ووصوله إلى بيته ، وفيه تحقيق الطمأنينة لقلوبكم وارتياح ضمائركم ، وبخاصة عند ما تقدمونه رمزا وشعارا وحاميا في قتالكم ، وفيه أيضا بقية مما ترك آل موسى وآل هارون ، وتلك