البقية : هي قطع الألواح وعصا موسى وثيابه وعمامة هارون وشيء من التوراة وأشياء توارثها العلماء من أتباع موسى وهارون.
وقول النبي لهم : (إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ) لا يكون إلا بوحي ، لأنهم سألوه تعيين ملك لهم يقاتل في سبيل الله ، فأخبرهم النبي أن الله قد بعثه لكم.
وستحمل الملائكة التابوت إلى طالوت تشريفا وتكريما له ، وإن في مجيئه أو عودته دليلا على عناية الله بكم ، واختيار طالوت قائدا لكم ، لينهض بشؤونكم ، وينتصر على عدوكم ، فعليكم مؤازرته والرضا بملكه إن كنتم صادقي الإيمان بالله تعالى.
فالتفّ الناس حول قيادته واختار من شبابهم سبعين أو ثمانين ألفا ، وكان الوقت حرا ، فأراد أن يختبرهم بشيء ليعلم صدقهم في القتال ، فلما خرج طالوت من البلد مع هؤلاء الجند ، بدأ بالاختبار ، كما يفعل كل قائد حكيم.
فقال لهم : إن الله مختبركم ـ وهو الأعلم بكم ـ بنهر يصادفنا في أثناء الطريق إلى الأعداء ، فمن شرب منه فليس من أتباعي وأنصاري ، ومن لم يتذوقه فإنه من حزبي وأعواني ، وكذا من اغترف بيده غرفة فقط يبل بها ريقه ويدفع بها شيئا من العطش ، فالمرفوض هو النوع الأول ، والمقبول : النوعان الآخران.
فكانت نتيجة الاختبار : أن شربوا منه جميعا ، لاعتيادهم العصيان ، وضعف الإيمان ، إلا قليلا منهم وهم أهل الإيمان ، وصدق الاتباع ، والإخلاص في الدين. والخير في الواقع في هذه الفئة القليلة ، التي تفعل بصدق إيمانها ، وصلابة عزيمتها ما لا تفعله الفئة الكثيرة العدد ، ولكنها غثاء كغثاء السيل.
فلما جاوز طالوت النهر مع هذه القلة من المؤمنين الصادقين الذين أطاعوه ولم يخالفوه فيما منعهم منه ، ثم تبعهم الذين شربوا من النهر أخيرا ، قال بعض