الدين وكيفية فصل الخصومات ، كما قال الله تعالى : (وَشَدَدْنا مُلْكَهُ ، وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطابِ) [ص ٣٨ / ٢٠] ولم يجتمع الملك والنبوة لأحد قبله ، إذ كان لبني إسرائيل في الماضي نبي وملك ، وكان النبي قبل داود هو شمويل (صموئيل) ، والملك هو طالوت ، فلما توفيا صار له الملك والنبوة.
ثم بيّن الله تعالى الحكمة من القتال ، فإذا كانت الحرب ظاهرة اجتماعية منذ أن اقتتل أبناء آدم ، فقتل قابيل هابيل ، ولا تخلو من ضرر وخطر ، فإنها لا تخلو أيضا من نفع وخير ، فلو لا دفع الله أهل البغي والشر بأهل العدل والإصلاح والخير ، وتسليط جماعة على أخرى ، لغلب أهل الفساد ، وفسدت الأرض ، وعمت الفوضى ، وساد الظلم ، وهدّمت أماكن العبادة لذكر الله ، ولكن الله ذو فضل كبير على الناس جميعا ، وذو رحمة بهم ، حيث يسلط على الظالم من يهلكه ، ويدحر أهل الباطل بجند الحق ، فإذا ظهر ظالم آخر ، أرسل الله له في الوقت المناسب من يخلص الناس منه ، وهكذا ينصر الله رسله بالغيب ، ويؤيد أعوانه في اللحظة الحاسمة التي يريدها.
تلك آيات الله نتلوها عليك يا محمد ، وتلك القصص الغابرة نعرفك بها ، فهي مطابقة للواقع والتاريخ ، ولم تكن تعلمها ، لأنك نبي أمي ، لتكون دليلا على صدق نبوتك وصحة رسالتك ، وليقتنع بها معاصروك وتصدّق بها الأجيال المتلاحقة على ممر الزمان ، وهكذا تكون القصص عبرة وعظة يستفيد منها كل إنسان ، كما قال الله تعالى : (لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ ، ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى ، وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ ، وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ ، وَهُدىً ، وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) [يوسف ١٢ / ١١١].