٢ ـ وتناول الدم المسفوح ، لأنه ضارّ ، وتأباه النفوس الطيبة ، فهو حرام لقذارته وضرره أيضا.
٣ ـ وأكل لحم الخنزير ، لأنه ضارّ ، وخصوصا أثناء الحر ، ولأن النفوس الطيبة تأباه ، لأنه حيوان قذر لا يأكل غالبا إلا من القاذورات والنجاسات ، فيقذر لذلك ، ولأن فيه ضررا ، لحملة جراثيم شديدة الفتك ، ولأن فيه كثيرا من الطباع الخبيثة ، وولوع بالنواحي الجنسية ولا يغار على أنثاه ، وكسول بطبعه ، والمتغذي يتأثر بتلك الطبائع ، وتنتقل إليه بيوض الدودة الوحيدة الحلزونية التي قد تكون في خلايا عضلات جسمه ، ولو تربى في أنظف الحظائر.
٤ ـ وما ذكر عليه غير اسم الله تعالى عند الذبح ، لأنه من أعمال الوثنية ، وفيه إشراك واعتماد على غير الله. وكان العرب في الجاهلية يذبحون للأصنام ، ويقولون : باسم اللات والعزى ، فهو حرام صيانة لمبدأ الدين والتوحيد وتعظيم الله. وحصر التحريم في هذه الأصناف مستفاد من قوله تعالى : (إِنَّما حَرَّمَ ..) أي لم يحرم عليكم إلا الميتة وتوابعها ، لأن (إِنَّما) تفيد الحصر ، تثبت ما تناوله الكلام وتنفي ما عداه. وقد حصرت هنا التحريم ، لا سيما وقد جاءت عقب التحليل : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ).
ويضاف لهذه المحرمات ما حرم في سورة المائدة (الآية : ٣) وما حرمه رسول اللهصلىاللهعليهوسلم من أكل كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير ، ولحوم الحمير الأهلية.
لكن من ألجأته الضرورة (وهي أن يصل إلى حد لو لم يتناول المحظور هلك) إلى أكل شيء مما حرم الله ، بأن لم يجد غيره ، وخاف على نفسه الهلاك ، ولم يكن راغبا فيه لذاته ، ولم يتجاوز قدر الحاجة ، فلا إثم عليه ، للحفاظ على النفس ، وعدم تعريضها للهلاك ، ولأن الإشراف على الموت جوعا أشد ضررا من أكل الميتة والدم.