سَبِيلِ اللهِ وَما ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكانُوا وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ) (٣ : ١٤٦).
لا تهنوا هنا وهناك وكيف تهنون (وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ) : (وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (٤ : ١٠٤) : أنتم المؤمنين الأعلون : علو العقيدة الإيمان وعلو التصميم ، علوا في تفهم الحياة وغايتها وصلتها بالعقيدة وبالعلي الأعلى ، علوا في الأولى وفي الأخرى ، فيما يصمد العزم ويقوي الحزم ، علوا وحتى إذا قتلتم في سبيل الله إذ تتصل أرواحكم بالملإ الأعلى ..
.. (فَلا تَهِنُوا .. وَاللهُ مَعَكُمْ) معية خاصة تختلف عن سواكم : ك (هُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ) (٥٧ : ٤) لا ـ وإنما معية الهداية والنصرة والعزة فالغلبة في أيّ من أشكالها : قاتلين أو مقتولين!
فلنفرض انه قتل في المعركة من قتل ، أو انهزمتم ، فالحرب سجال وامتحان ، وليس انهزامكم انهزام الامتهان! ثم (وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ) لن يقطعكم أعمالكم (١) لا الأعمال الجهادية ، فإنه يجازيكم بها خير الجزاء ، فليست هي مبتولة الجزاء ، ولا سواها من خير تبغونه لو بقيتم أحياء ، فلئن قتلتم لن يقطعكم الله هذه الأعمال ، فإنه بمنه وفضله يكتبها لكم دون أن تعملوها ، فيكفيكم أن تأملوها ففاجأكم القتل فلم تعملوها.
فلم تنقطع عنكم خير الحياة بانقطاع الحياة ، فإنما انقطع عنكم شرها ، ثم كتب لكم خيرها ولم تعملوها ، وكتب لكم بالجهاد خير الجزاء ، فأنتم أنتم الأعلون لا من الكافرين فحسب ، بل ومن سائر المؤمنين أيضا!.
ف «لن» هنا في (لَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ) لها موقعها لا سيما للقتلى في سبيل الله ، لن تجد مثلها في غيرها ، فإنها تحيل ـ بفضل الله ـ انقطاع الصالحات عن
__________________
(١) يتركم من «وتر يتر» وأصله القطع ، ولن يقطعكم أعمالكم بعد انقطاع الحياة ، أم إذا بقيتم لن يقطعكم سائر الصالحات المنوية لو لا الجهاد.